الاثنين، 16 نوفمبر 2009

حزب الدعوة وحدود الكويت!

تصريحات النائب العراقي العضو في حزب الدعوة حول ترسيم الحدود العراقية الكويتية ليس سوى تصريحات انتخابية، وهذا ليس بشئ يمكن التوقف عنده، ولكن قراءة هذا التصريح في سياق اعادة البعثيين الى مراكز السلطة في عهد نوري المالكي هو ما يجب التأمل فيه كثيرا!
فمن أجل الهيمنة على مقاليد السلطة في العراق باع حزب الدعوة رفاق الأمس الذين أوصلوه الى رئاسة الحكومة، وبنى تحالفات جديدة أقل ما يقال عنها انها تهدف لتعزيز موقعه في السلطة، ولو كان على حساب نسيان جراح العراقيين المؤلمة من البعثيين.
حزب الدعوة اليوم وبعد فك تحالفه مع القوى الاسلامية والوطنية التي قادت المعارضة ضد النظام الصدامي البائد طوال الثلاثين السنة قبل سقوطه، بات اليوم امام تسوية مع البعثيين قد تعيد لهم بعض المواقع المهمة في الانتخابات القادمة!
وتأتي هذه التصريحات وستأتي أخرى أيضاً لطمأنة البعثيين بأن حكومة المالكي لم تنسى بعد الحلم البعثي باعادة الفرع الى الأصل!
نعم، هناك تصريحات واضحة ومباشرة من حكومة المالكي حول رفض اعادة البعثيين وآخرها وصفه لهم بـ (التتار)، وهذا أيضا من ضرورات الانتخابات حيث القاعدة الشيعية العريضة المناهضة لكل ما يمت صلة بالبعث، إلاّ أن الوقائع على الأرض تكشف ان المالكي اعطى امتيازات ومناصب كثيرة للبعثيين!
استيعاب البعثيين في النظام الجديد الذي يحصل على مباركة الاميركان والبريطانيين وبيد نوري المالكي وحزب الدعوة، يجب أن لا يغيب عن أصحاب القرار في الكويت لان 90 بالمائة من ابواب الشرّ الشمالية انما هي بعثية بامتياز!

السبت، 15 أغسطس 2009

ما الجديد في "رسالة الفتنة"؟

ما الجديد في رسالة "الفتنة" كما أسمتها صحيفة النهار الكويتية والتي بعث بها المتطرفون للنائبة الدكتورة معصومة المبارك؟
لا شيء!
فهي ثمار تربية "التطرف" و "إلغاء الآخر" و "التكفير".. وهذه ثقافة تنتشر ليس في السراديب فقط، بل نعيشها جهاراً عياناً في المساجد وفي المكتبات وفي كلية الشريعة وحتى في الصحافة الكويتية!
فالكلمات المشينة التي استخدمها كاتب الرسالة ليست هي المهمة في اعتقادي.. بل المهم الأفكار الرئيسية التي بنيت على أساسها هذه العبارات المريضة.
أنظروا ماذا استخدم كاتب الرسالة من أفكار متطرفة، وكيف أن هذه الأفكار والكلمات يرددها الكثير من كتاب المحافظين الجدد في الكويت..
ابتدأت الرسالة بالاتهام "المعلب" والذي أنتجته الماكينة الدعائية والإعلامية المعادية للشيعة منذ بني أمية وحتى التكفيريين اليوم، وهي "السبئية"، فالتشيع نتاج ابن سبأ "اليهودي- الرافضي" المعادي للإسلام والمسلمين!
وهذه الفرية قبل ان يستخدمها كاتب رسالة الفتنة، تعتبر من المسلمات في أدبيات ومقالات الكثير من كتاب السلف في صحافتنا، وهي مادة دسمة للكثير من المتطرفين والتكفيريين لضرب "الروافض" وتلبيسهم كل السوء الذي يلف العالم الاسلامي!
هل تذكرون الهلال الشيعي وفوبيا التشيع والتي طبل لها رموز السلف في عالمنا الإسلامي وفي الكويت بالتحديد؟
هل تذكرون مقالات مجلة الفرقان ورئيس تحريرها حول المؤامرة الشيعية في مصر وباكستان وأفريقيا والعراق..
ادخلوا مواقع صحف كويتية معروفة في تبني هذه الكتابات واعملوا بحث عن كلمة ابن سبأ والسبئيون والروافض وستجدون العجب العجاب!
رسالة الفتنة ايضا تناولت موضوع المطالب بزيادة دور العبادة للطائفة الشيعية، وهو مطلب كل ابناء الطائفة في الكويت، لما يجدونه من تمييز في التعامل، حيث أن أعداد المساجد السنية تصل الى أكثر من الألف مسجد تبنى من اموال الدولة، في حين مساجد الشيعة لاتزيد عن الثلاثين بنيت جميعاً باموال المحسنين من ابناء الطائفة!
وهذه المطالب تواجه عادة من قبل كتاب ورموز السلف بأنها محاولة لتغيير هوية المجتمع، وضرب عقيدته، والسماح للشيعة بالتمدد على حساب الوطن! وهذا بالضبط فحوى ما رددته رسالة الفتنة حين تناولها الحسينيات والمراكز الحساسة في البلد!
ثم تحولت الرسالة الى النفس العنصري المعهود لدى التيار السلفي حينما يتناول الطائفة الشيعية، فواحدة مثل النائبة معصومة المبارك وهي "حساوية/ عربية" لأنها شيعية المذهب تتحول الى "ايرانية عجمية مجوسية قرمطية" !
وهذه العبارات استخدمت في صحافتنا الكويتية مئات المرات، وهي تهدف الى اتهام الشيعة بالولاء الخارجي، ولعل آخرها ما صرح به النائب محمد المطير والذي وصف منتقدي مجلة الفرقان بسبب إثارتها الطائفية بأنهم "مرتزقة"!
والرسالة أيضا وصفت الشيعة بـ "الزنادقة" وهي كلمة استخدمت مرات عديدة في صحفنا الكويتية، ويعتبرها البعض صفة ملازمة "للروافض"، ويطرب لها التيار السلفي وهو يصف علماء الشيعة بها كما فعل النائب هايف المطيري حينما تهجم على الخطيب السيد محمد باقر الفالي!
وتطرقت الرسالة الى موضوع التقية التي عادة ما يستخدم لضرب الشيعة، فوصفت النائبة الفاضلة بـ "أم التقية"، وهي عبارة كثيراً ما يرددها الأشاوس من كتاب اليمين المحافظ الكويتي، ومع تحريف معناها والتدليس في تناولها فإنها أصبحت من مسلمات المثالب الشيعية لدى أولئك!
وأخطر ما في الرسالة، اقتباسها من التكفيريين فكرة "إلغاء الآخر"، وتبني مشروع تحويل الكويت الى دولة خالصة مخلصة لـ "أهل السنة والجماعة" وهي تعني دولة سلفية شبيهة بما أقامته طالبان في تورا بورا أو وادي سوات أو ما قامت به "دولة العراق الاسلامية" في شمال بغداد، أو ما حاولت ذلك في مدينة رفح في غزة قبل أيام!
بعد ذلك، هل هناك مبرر للعجب من صدور مثل هذه الرسالة؟!
الزميل بدر الكويت صاحب موقع لصوص الكلمة يعمل جاهداً على ملاحقة سراق الكلام، ويبدو لي أن هذه الرسالة "وجبة دسمة" يمكن ان تكشف له عشرات الضحايا لكاتب هذه الرسالة.. ولكن، صاحب الرسالة يمكن اتهامه بالسرقة ولكن "ضحاياه" مجرمون "بالفتنة"!

آخر السطر
تعرفون الآن لماذا اعتبر النائب السلفي علي العمير رسالة الفتنة هي رسالة عادية وليس فيها تهديد.. لان محتوى الرسالة هو ما يعتقد به هذا التيار في الكويت!

الثلاثاء، 11 أغسطس 2009

استغفال ومستغفلين ومغفلين!


يبدو أن الأشاوس كتاب اليمين الكويتي المحافظ يصرون على استغفال الناس، أو لعلهم مغفلين لم يقرءوا جيداً عدد مجلة الفرقان المرقم 548 والذي شغل الرأي العام الكويتي بسبب ما نضح به من طائفية !
أحمد الفهد يقول " الأغبياء الذين افتعلوا الأزمة.. لو أنهم "قلبوا" صفحات المجلة جيداً.. لوجدوا أنها كانت تناقش تصريح قائد قوات البحرية الايرانية.."!
الواضح أنه من الأغبياء الذين لم يتصفحوا المجلة جيداً! بل يبدو لي أنه تلقى كلمة السرّ بالدفاع المستميت ولم يترك لنفسه وقتاً لتصفح عدد مجلة الفرقان.. فهو إما مغفل أو مستغفل..
أما الآخر الذي أستشهد بهذا المغفل فهو فهد الخنة والذي لم يكتفي بتكرار "كذبة" رئيس تحرير الفرقان، بل أختلق أكاذيب وزور التاريخ لكي يقول ان "جماعته" بريئين من التكفير وأن التكفير هو من اختراعات "الشيعة الصفويين"!
ثم يخرج علينا أحمد الكوس ليقول انه ضحك من تصريح أحد النواب في تحليل صورة القرش وتكذيب البيان الصحافي للفرقان، واستشهد بالمثل: "أقول لهم ثور يقول احلبوه".. المشكلة احنا شايفين الثور.. بس أهو مو راضي يفهم!
أما ثالثة الأثافي فهو تصريح نائب مجلس الأمة محمد المطير، والذي رمى كل من انتقد مجلة الفرقان بأنه مرتزق! مع أني افهم أن المرتزق هو الذي يبدأ باثارة النعرات الطائفية خدمة لأجندة خارجية سواء دولية او أقليمية.. وأن المرتزق هو الزلط ملط الذي يفوز بأصوات أصحاب اللحى الممتدة للسرة والدشاديش المرتفعة للركبة!
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام:" والله لا أُسْتَغْفَلُ بالمكيدة ".. وأبناء علي عليه السلام لا يمكن أن يستغفلوا بهذه الألاعيب..

الخميس، 6 أغسطس 2009

دكتوراه في الكذب!

بسام الشطي كتب "بكائية" رداً على ردود الفعل الغاضبة بسبب نشر مجلته "الفرقان" الناطقة باسم احياء التراث السلفية، وقد ضمن بيانه وكعادته "أكاذيب" حتى أصبحت الآن مقتنعاً أن "الرجل" يحمل شهادة دكتوراه بالكذب وبامتياز مع مرتبة الشرف.. إذا كان هناك شرف لمثل هذه العلوم!
انظروا ماذا يقول:
"واأسفاه على هذا التصعيد المتعمد ضد مجلة الفرقان، ومحاولات تشويه صورتها العطرة، وقد صار لها عشرون عاماً تقدم العلم المتزن! والفقه الميسر ونافذة على الوسطية!! دون انزلاق في معترك الفوضى الفكرية.."
ويضيف بعد مقدمة طويلة يشرح هذه الأسطر:
"أما بالنسبة للغلاف فهو لا يعني المهري لا من قريب ولا من بعيد، بل هو لموضوع رئيس الاركان الايراني الذي صرح أن هناك 16 ألف شخص وزيادة موجودون في دول الخليج على أهبة الاستعداد للقضاء على المصالح الاجنبية في دول الخليج ومنها الكويت لالحاق الأذى على من يعتدي على ايران، فكان الغلاف عبارة عن صورة سمكة القرش (وهو شعار البحرية الايرانية) فاتحاً فمه ومظهراً أسنانه للاعتداء على دول الخليج ومنها الكويت ليبتلعها ويلحق بها الأذى.."!
وهو رد أقل ما يمكن ان يقال فيه أنه "كاذب" وفيه تدليس واستغفال لعقول الناس..
اولا: الصورة المنشورة في الغلاف للقرش المفترس فيها عمامة سوداء، وهي اشارة للسادة من رجال الدين الشيعة..
ثانياً: القرش ينطلق من زاوية في الرسمة تشير الى مدينة قم المقدسة باتجاه الكويت ومدينة قم المقدسة هي موطن مراجعنا العظام ومقر الحوزة العلمية..
ثالثا: لا يوجد في الغلاف اي اشارة لخبر رئيس الأركان الايراني.. بل تصفحت المجلة كلها عبر الموقع الالكتروني لها فلم اجد الخبر، فلا أدري في أي زاوية او مغارة قد كتب!
رابعا: صورة الغلاف كتب عليها كلمة "المهري" على رأس القرش الذي يعتمر العمامة السوداء..
خامساً: الموضوع الداخلي حول الردّ على السيد المهري وهو من ثلاث صفحات تضمن في صفحته الرئيسية لصورة الغلاف..
بعد ذلك كيف يمكن لبصير ان يصدق اكاذيب بسام هذا؟!
أقول هنيئاً لمجلة الفرقان رئيس تحريرها.. وهنيئا لكلية الشريعة دكتورها.. وهنيئا لجريدة عالم اليوم كاتبها.. ولكن تعساً للمناهج الدراسية التي يتلقاها ابناءنا في المدراس ليكون أحد كتابها هذا الشخص!
ملاحظة:
رابط عدد مجلة الفرقان المشار له هو:
http://www.al-forqan.net/pdf/548.pdf

السبت، 1 أغسطس 2009

اطلاق شبكة الاعلاميين الديمقراطيين في العالم العربي

شاركت مع عدد من الاعلاميين في العالم العربي في تأسيس شبكة الاعلاميين الديمقراطيين في العالم العربي.. وهذا نص الخبر المنشور عن الموضوع:
الجورشي: الاعلام حليف اساسي للاصلاح والديمقراطية
الإعلان عن تأسيس شبكة الإعلاميين الديمقراطيين في العالم العربي

بوزعكوك: الشبكة تعمل على ترسيخ القيم الايجابية المدافعة عن حرية التعبير والرأي
ضياء الدين: من المهم نشر الثقافة الديمقراطية بين الاعلاميين في العالم العربي


نظمت شبكة الديمقراطيين في العالم العربي بالتعاون مع مركز صوت القانون ومركز العالم العربي لتنمية الديمقراطية بالأردن المؤتمر التأسيسي لشبكة الإعلاميين الديمقراطيين في العالم العربي، وذلك بمشاركة 33 صحفيا وصحفية قدموا من 11 دولة عربية خلال يومي 27-28 يوليو 2009، بالعاصمة الأردنية عمان.

وقد جاء هذا المؤتمر في سياق ازدياد الاقتناع في الوطن العربي بأن التحول الديمقراطي لن يتحقق في غياب إعلام حقيقي وموضوعي، وأن الكثير من القوانين في البلاد العربية تقيد حرية الإعلام وتشلها أحيانا، بل وتخضع في الغالب الإعلاميين لعقوبات سالبة لحرياتهم.
كما يشكو الكثير منهم من نقص الفرص لتبادل الخبرات فيما بينهم، وقلة الورشات التدريبية للرفع من مهاراتهم وقدراتهم، والتي من شأنها أن تسمح لهم بأن يكونوا فاعلين في مجال التوعية السياسية ونشر الثقافة الديمقراطية في مجتمعاتهم.
وعبر المؤسسون لهذه الشبكة عن إيمانهم بضرورة امتلاك الإعلام في العالم العربي للمقومات التي تجعل منه رافعة أساسية من روافع التنشئة المدنية، وحليفا أساسيا للإصلاح والديمقراطية. كما أنه بحاجة ماسة لإصدار تشريعات ضامنة لحقوق الإنسان، ومساعدة على دعم المواطنة الفاعلة التي تحقق معادلة الحق والواجب.
وفي سياق تعزيز هذا التوجه، قرر الإعلاميون المشاركون في هذا المؤتمر أن تكون شبكتهم إطارا مفتوحا ومرنا، يجمع بين المهنية ودعم الديمقراطية، وذلك في كنف الاستقلالية التامة عن أي جهة محلية أو دولية، بعيدا عن مختلف الأجندات الماسة بكرامة الإعلاميين وحريتهم، أو المهددة لأمن المنطقة العربية وسيادة دولها. كما توافقوا على أن شبكة الإعلاميين الديمقراطيين في العالم العربي ليست بديلا عن نقابات الصحافيين أو منظماتهم الإقليمية، ومعتبرين هذه الشبكة رافدا من روافد المجتمع المدني لتعزيز حرية الاعتقاد والتعبير، وداعما لحركات وجهود الإصلاح في المنطقة.
وأكد الدكتور صلاح الجورشي المنسق العام لشبكة الاعلاميين الديمقراطيين في العالم العربي انه اقتناعًا منا بضرورة امتلاك الإعلام في العالم العربي مقومات ليكون رافعة أساسية من روافع التنشئة الديمقراطية، وحليفًا أساسيًا للإصلاح والديمقراطية، فإن هذا الإعلام بحاجة ماسة إلى إصدار تشريعات للدفاع عن حقوق الإنسان، وضرورة توفير الشروط الموضوعية للمواطنة الفاعلة التي تحقق معادلة الحق والواجب.
واعتبر أن "تشتيت المجهودات ، وفردية المبادرات لا يمكن أن تساعد على تحقيق الطموحات، وجعلها فاعلة ، وأن توحيد المبادرات ، وتشبيك العلاقات ، وتبادل الخبرات هي المداخل الطبيعية المساعدة على خلق المناخ الإيجابي الذي يبرز فيه الدور الإعلامي ويقوى، والذي من خلاله يمكن التغلب على الصعوبات والعراقيل لايجاد تحالفات هدفها الأساس تعميم الثقافة الحقوقية، والمساهمة في رصد الخروقات وكشفها ، والتأكيد على حل الاختلافات بالطرق السلمية، وجعل القانون حكما بين المختلفين ، والقضاء المستقل مرجعًا اساسيًا".
وقال علي ابو زعكوك وهو من الاعضاء المؤسسين "ان شبكة الإعلاميين الديمقراطيين في العالم العربي إطار مستقل ، يضم إعلاميين مهتمين بالعمل الديمقراطي، وبدورهم في ترسيخ القيم الإيجابية المدافعة عن حرية التعبير والرأي كأساس من أسس البناء الديموقراطي و ترسيخ قيم حقوق الإنسان ومبادئ الحكم الرشيد باعتبارها إرثًا بشريًا مشتركًا".
ولفت الى "التزام الشبكة باعتماد الموضوعية في الرصد والتوثيق للحالات التي ُتخرق فيها مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان بشكل عام والاقتناع بأن حقوق الإنسان كل لا يتجزأ ، مع التأكيد على مبادئ المساواة بين الجنسين وحقوق الفئات المستضعفة وذوي الاحتياجات الخاصة والإيمان بأهمية الثقافة المدنية في التعدد والاختلاف ، وترسيخها في جميع الميادين والعمل على مكافحة كل أشكال التحريض على العنصرية والتفرقة والتمييز على أساس الانتماء العقيدي أو الطائفي أو الطبقي أو الجنسي أو العرقي ومكافحة كل أشكال العنف في الممارسة السياسية والمجتمعية، والعمل على ترسيخ التسامح والحوار والالتزام بالاستقلالية، والمهنية في النشر الدقيق والمسؤول للمعطيات والإتصاف بالشجاعة والنزاهة، وعدم الرضوخ للضغوطات بكافة أشكالها والالتزام بسلوك الديمقراطي أساسًا للعمل وفق أخلاقيات مهنة الصحافة والإعلام والاتصال الجماهيري".
وقال الزميل ضياء ضياء الدين المشارك الوحيد في المؤتمر التأسيسي من الاعلاميين الكويتيين بأن تأسيس هذه الشبكة يعد فرصة لربط الإعلاميين في العالم العربي بين بعضهم البعض وتبادل الخبرات والتجارب والتضامن فيما بينهم وخاصة بالنسبة لأولئك الذين يتعرضون للاضطهاد والقمع والحجر على آرائهم.
واعتبر أن نشر الثقافة الديمقراطية بين الإعلاميين سيكون له تأثير كبير على الحياة الاعلامية والسياسية في البلاد العربية، وسيساهم بشكل مهم في توسيع هامش حرية التعبير في مجتمعاتنا العربية. فالاعلام هو جزء فاعل من اجزاء النظام الديمقراطي.
هذا وقد سبق لشبكة الديمقراطيين في العالم العربي في سياق تنفيذها لهذا المشروع، أن عقدت أربع ورشات شارك فيها 100 إعلامي عربي، وذلك بكل من الجزائر والبحرين ومصر والأردن.

الاثنين، 29 يونيو 2009

الدفاع عن عمر البشير!

قد اتفهم موقف الحكومات العربية وبعض حكومات الدول الإسلامية في دعم الرئيس السوداني عمر البشير، فالطيور على أشكالها تقع.. ولكن حتى الآن لم أفهم لماذا يتم الاستماتة في الدفاع عنه من قبل بعض الجماعات هنا في الكويت!
الدفاع عن عمر البشير هو دفاع عن الديكتاتورية والاستبداد وحكام جور جاءوا الى السلطة بالانقلابات العسكرية..
قبل أيام وضعت مجلة باراد العالمية الرئيس السوداني في المرتبة الثانية في قائمة اسوء عشرين ديكتاتوراً لعام 2009، متراجعاً فقط عن الرئيس الزمبابوي روبرت موغابي! وقبلها بأيام صدر تفويضاً اممياً بالقبض على عمر البشير بسبب الجرائم المنتهكة في دارفور!
نعم، محكمة الجنايات الدولية تقيس الأمور بازدواجية، وهي مسيسة في كثير من قراراتها، وخاضعة لإرادة القوى الكبرى، إلا ان هذا لا يعني نسيان ان البشير جاء الى السلطة بانقلاب عسكري قضى فيه على تجربة ديمقراطية واعدة، جاءت بعد تجربة مريرة من حكم العسكر والديكتاتوريين..
وعمر البشير هذا أيضا انقلب على مرشده الروحي والحركي الذي شرع له الانقلاب العسكري، وصار يعتقله بين الحين والآخر، فهو لم يكن إلا عنصرا صغيراً في تنظيم حسن الترابي الذي قاد الانقلاب باسم الإسلام على حكم جاء بإرادة الأمة والناس.
وعمر البشير هذا مهما حاولنا التخفيف من جرائمه، فهو السند الأساسي لعصابات الجانجويد التي تقتل وتغتصب وتشرد الأبرياء في دارفور بسبب نزاعات قبلية وتعصبات جاهلية!
حينما قادت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً لإسقاط صدام في العراق، كنّا جميعاً في خندق القضاء على الطاغية ولو كان بأيدي اميركية وباحتلال عسكري.. فالديكتاتورية والقمع هي أسوء بكثير من آثار العدوان.
في تلك الأيام، كان الجميع غير مقتنع بالحجج الأميركية بامتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، وهو مبرر اتخذ لإسقاط صدام.. ومع ذلك كنا على استعداد لغلق العين التي تراقب محاججات الاميركان مع حلفاءهم غير المقتنعين بالمسوغات الاميركية، ونفتح عيننا الأخرى باتجاه القضاء على الطاغية..
وحينما كان يذهب بعض السياسيين والفنانين والمثقفين العرب الى العراق تضامناً ضد الغزو والاحتلال، كنا نستهجن ذلك ونعتبره إسناد للدكتاتور وإعطاء شرعية لجرائمه بحق الشعب العراقي وبحق شعوب المنطقة.
اليوم التهديد الحقيقي للسودان ليس فقط المطامع الغربية في هذا البلد المهم استراتيجياً، بل بهيمنة الدكتاتورية والاستبداد على رقاب الشعب السوداني.. ومع خطورة التدخل الأجنبي في الشأن السوداني، إلا ان آثاره ستكون أقل خطراً من استمرار عمر البشير في حكم السودان بهذه الطريقة من الاستبداد والقمع ودعم المليشيات المجرمة.
وللأسف فان البعض يتخذ في دفاعاته مبررات حزبية او حسابات سياسية او مصالح ضيقة يساق لها كل الترهات والأكاذيب، وهي حجج واهية لا يمكن ان يصدقها كل من تابع الحكم السوداني منذ الانقلاب العسكري على الصادق المهدي في عام 1989.
الشعب السوداني يستحق حكاماً أفضل من هؤلاء الطغاة، وترك الأمر لإرادة الناس لا يمكن تحقيقه إلا بإزاحة البشير عن الحكم، وليكن ذلك بإرادة دولية كما حصل مع الطاغية صدام.

الخميس، 28 مايو 2009

تهديدات "بسام" التكفيرية!

بسام لا يكتفي بالشطط في مقالاته، ولكنه يمتهن "التهديد" لكل من يخالفه، فها هو يطلع علينا بتهديد عنيف للنواب "الليبراليين والطائفيين (يقصد الشيعة)" بأن لا يفتحوا "باب الشر على الكويت" لأن فتح موضوع المناهج التكفيرية في مجلس الأمة سيجعله وأتباعه التكفيريين يقومون بـ "حرق كل صفحات الآمال التي ترجوها الحكومة من هذا المجلس" وأنه وأتباعه "سيشغل الكويت عن التنمية والحضارة والرقي"!!
العجيب في المقالة حجم الكذب الذي تمتلئ به كلمات هذا الذي يحمل شهادة دكتوراه في الشريعة.. ها هو يصف مناهج التربية الإسلامية وبالخصوص المختلف عليها وخاصة الدرس الخامس من المرحلة العاشرة.. يقول: "مناهج التربية الإسلامية جاءت من خلال لجان بها أساتذة وخبراء تربويون وشرعيون وفي الميدان وموجهون ومعلمون أوائل وقد حكمت هذه الخطة من قبل جامعات عربية وإسلامية ومن أعرق المؤسسات وحصلت على درجات عالية.." !
منهج يكفر المسلمين ويدعو لقتلهم تمت كتابته على يد "تربويين وشرعيين"!
هذه أكبر كذبة أسمعها، وأتحدى هنا هذا الدكتور ان يأتي أولئك ويعلنوا بأنهم من اعتمدوا الدرس الخامس من منهج الصف العاشر!
والغريب أن هذا الدرس قد كتب بطريقة مبتسرة، فالترقيم غير دقيق والصفحات غير متسلسلة ولعل طالب في الثانوية يمكن أن يتقن الترقيم والترتيب أفضل من أولئك "الخبراء" الذين وصفهم الشطي في مقاله!
والموضوع الذي يتم تدريسه يخالف اجماع المسلمين السنة والشيعة، وهو لا يأخذ إلا عن بعض التكفيريين الذين ابتلينا بهم في مجتمعنا المسالم المتسامح. أما الإدعاء بأن هذا المنهج وهذه الأفكار مستقاة من مذهب أهل السنة والجماعة فهو زور وبهتان وكذب، ولو كانوا واثقين من ادعاءاتهم ليخرجوا على الملأ ويشرحوا بالتفصيل العبارات التكفيرية الواردة في المنهج ومن أيّ حديث شريف أو آية قرآنية تم استخلاصها!
وبسام كعادته يكذب.. فهو بدلاً من ان ينقل ما ورد حرفياً في المنهج يحاول ان يضلل القارئ، فالمنهج يتحدث في جزء منه عن "زيارة القبور"، وهو يقول ان المنهج يتحدث عن "عبادة القبور" و "اتخاذ الأنداد" فأي تضليل بعد هذا يمكن ان نسمعه ممن يؤتمن على فكر ابناءنا وبناتنا في كلية الشريعة؟!
اعتقد أننا اليوم امام امتحان حقيقي، فالنواب الشيعة والنواب الوطنيين عليهم ان يصححوا هذا الخلل، وعليهم ان يستثمروا فرصة خسارة المتطرفين في الانتخابات الأخيرة ويغيروا هذه المناهج، كما أننا أما استحقاق لفتح ملف كلية الشريعة التي تخرّج لنا أجيال من المتطرفين سنة بعد سنة.
آخر السطر
الشعر القبيح الذي استشهد به بسام في مقاله لا يعبر إلا عن جهل مركب، وكل إناء بالذي فيه ينضح.. والشاعر والكاتب يصدق عليهم قول الباري عز وجل: (الشعراء يتبعهم الغاوون). صدق الله العلي العظيم

الأحد، 24 مايو 2009

هزيمة القوى السياسية الكويتية!

لماذا هذه النتائج الهزيلة للقوى السياسية الكويتية في الانتخابات النيابية الأخيرة؟
ولماذا اصبح عنوان "المستقل" أفضل للمرشح لحصد المقعد النيابي عن النزول ممثلاً لتجمع او حزب سياسي؟
الحركة الدستورية (حدس) تراجعت الى مقعد واحد، والمنبر لم يحصل على شيء سوى نائب قريب منه وهو صالح الملا، فيما سقط (الرمز) عبد الله النيباري. أما التحالف الوطني فاز منه من ترشح مستقلاً وهما النائبان علي الراشد وعبد الرحمن العنجري.
أما التجمع السلفي فتراجع كثيرا بحصوله على مقعدين فقط بعد أن كان ممثلا بأربعة في المجلس السابق، فيما مني التحالف الاسلامي الوطني بنكسة كبيرة بسقوط النائب السابق أحمد لاري، وحلول المعتق السيد عدنان عبد الصمد في ذيل الفائزين في الدائرة الاولى، فيما لم يحصل مرشحه في الدائرة الثانية محمد الصفار على أرقام تبنى عليها للمستقبل!
أما تجمع العدالة والسلام فقد احتفظ بمقعده (صالح عاشور) الذي جمد عليه منذ عام 1999، وخسر أمينه العام حسن نصير المنافسة بفارق كبير جداً، فيما ضاعت فرصة متاحة جداً للمرشح المقرب للتجمع (أمينة العام المساعد السابق) عبد الواحد الخلفان في الدائرة الثانية. أما المنسحبين من التجمع وهما المرشحان وليد الصفار وعادل الخضاري فقط كانت نتائجهم ضعيفة جداً، فهي حوالي 450 و950 صوت فقط!
وعاد تجمع الميثاق ليحصد مقعداً على حساب التحالف الإسلامي الوطني من خلال قائمة الائتلاف التي فشلت في تحقيق نتائج وعدت بها الناخبين في الدائرة، وخاصة مع الفوارق الكبيرة بين كل من سيد يوسف زلزلة وسيد عدنان عبد الصمد وحمد بوحمد، وكذا السقوط المفاجئ لأحمد لاري!
هكذا فالتمثيل النيابي للقوى السياسية لا يزيد عن ستة أو تسعة في أحسن الحالات وهو ما يعني 12 أو 18 بالمائة فقط من أعضاء البرلمان الكويتي، المكون من 50 عضواً!
وهذه النتائج لا يمكن اعتبارها حالة صحية، فالقوى السياسية هي دينمو العملية الديمقراطية في أي بلد، واستمرار انتكاستها وضعفها ستأتي بآثارها السلبية على الممارسة الديمقراطية.
البعض من تلك القوى فسر هذا التراجع السلبي في النتائج بسبب الاحتقان السياسي الذي أفرزه البرلمان السابق، فذهبت التيارات السياسية ضحية المؤزمين، مع أن القوى السياسية المتضررة كانت جميعها ممثلة في الحكومة، وكانت مصنفة من (الموالاة) في المجلس الماضي، ما عدا (حدس) التي انتقلت من الموالاة إلى المعارضة خلال فترة قصيرة من عمر المجلس السابق!
واعتبر البعض الآخر أن الشارع الكويتي لازال يتوجس خيفة من الأحزاب السياسية وبالتالي فهو يفضل المرشح المستقل على المرشح الحزبي، وهي مقولة تتردد دائماً على ألسنة السياسيين في الكويت، وهي في اعتقادي ليست سبباً مهماً، فالناخب الكويتي يصوت للمرشح وأداءه وعلاقاته وشخصيته دون النظر لحزبه وتياره أو استقلاله، ولا نغفل دور الإعلام والمال واستغلال العواطف والدين في حالات أخرى!
السر في تراجع القوى السياسية يكمن فيها نفسها، فإلقاء الكرة خارج ملعب هذه القوى هو تنصل من المسئولية، وهروب إلى الأمام تحاول هذه القوى التغطية على واقعها السيئ الذي أوصلها لهذه النتائج المتردية.
والسر كما أراه باختصار هو:
هيمنة اصطحاب النفوذ والعائلات والحرس القديم على مقاليد التجمعات السياسية، وقتل فرص الصف الثاني والثالث، مما جعل هذه القوى تعيش حالة الشيخوخة المبكرة، وفقدت روح الشباب والتغيير، وخاضت انتخابات "عسرة" بتقنيات وتكتيكات قديمة، وفي غياب للخبرات والطاقات الحقيقية في هذه التجمعات.

الاثنين، 11 مايو 2009

يا وزارة التربية.. على من تكذبين؟



يبدو أن وزارة التربية الكويتية فقدت إحساسها بمواطنتها، فلم تعد ترى سوى عقيدة المتطرفين والتكفيريين لتجعلها "مما أجمع عليها علماء السنة دون التركيز على مذهب فقهي معين"، وكأن التكفير والتبديع والتحريض على قتل ابناء الطائفة الشيعية الكويتيين هو منهج ديني لا جدال فيه!
بهذا التبسيط المخل والمخجل طلع علينا الموجه العام للتربية الاسلامية احمد المنيفي بتصريح غريب يثبت فيه قناعة وزارة التربية بما ورد في منهج الصف العاشر في مادة التربية الإسلامية والذي يشنع بالمعتقدين بالتوسل وزيارة القبور من المسلمين، ويحرض عليهم ويدعو لقتلهم!
بهذه العقلية هل يمكن اخماد الفتن التي تنشب بين ابناء الوطن الواحد بسبب منهجية التكفير التي تغلغلت الى مناهج التدريس وأصبحت من الثوابت التي يتم الدفاع عنها من قبل المسئولين في الدولة وليس من الاحزاب والجماعات التكفيرية في البلد؟!
بهذه العقلية هل يمكن اصلاح واقع التعليم وهناك مسئولون في وزارة التربية لا يقرؤون حتى فقرات من منهج أثيرت حوله الكثير من ردود الفعل في الساحة المحلية؟!
اقرأوا معي واحكموا..
ومن الحق التساءل هل قرأ الموجه العام هذه الفقرة حتى يقول "ان مناهج التربية الإسلامية تحترم جميع الأديان والطوائف ولا تمس بطائفة معينة أو مذهب، كما انها تعزز تعاليم الدين الاسلامي وتسعى الى تثبيت العقيدة في نفوس الطلاب وتبصيرهم بأمور دينهم"!
تحت عنوان "نواقض التوحيد" في الدرس الخامس من منهج التربية الاسلامية للصف العاشر جاء هذا النص: "الشرك نوعان: أ- الشرك الأكبر: وهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله سبحانه وتعالى كالدعاء لغير الله عز وجل أو التقرب بالذبائح والنذور لغير الله عز وجل من القبور والجن والشياطين والخوف من الموتى أو غيرهم أن يضروه أو يمرضوه وعبادة غير الله كالذين عبدوا العجل والكواكب والأحجار والأصنام قال تعالى " وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ .... " .
ثم يضع جدولا يفرق فيه بين حكم الشرك الأكبر والشرك الأصغر فيذكر أنه من حيث العقيدة الشرك الأكبر يخرج من ملة الإسلام، ومن حيث العقوبة فعقوبة الشرك الأكبر هي إباحة دم المشرك وماله وخلوده في النار!
هل هناك تحريض بالقتل وتكفير اكثر من ذلك؟
هل يستطيع مسئولو وزارة التربية ان يضمنوا حقن دماء أبناءنا اذا فهم احد أبناء المتطرفين المعنى الحقيقي لهذه الفتوى ونفذها بحق زميل له في الفصل او المدرسة يعتقد بالتوسل والشفاعة؟!
الذي يبدو لي، أن مسئولي وزارة التربية في دولة الكويت بدءوا يصدقون أكاذيبهم وصاروا يفلسفون الأخطاء التي تحتويها مناهج التربية الإسلامية، وهي كثيرة لعل هذه الفقرة التي يطالب الكثير في الكويت بحذفها ما هي إلا صورة صارخة من الاعتداء على عقائد ابناء الكويت من المواطنين الشيعة، بل وحتى أغلب السنة!

الخميس، 16 أبريل 2009

أدب الصراخ

كتبت قبل أشهر عن "أدب الصراخ" الذي أصبح ظاهرة في مجلس الامة الكويتي، واليوم بعد ما سمعت دفاع النائب السابق مسلم البراك المستميت عن هذا النوع من الممارسة "الديمقراطية" أصبحت أعتقد ان أهم أغراض هذا الأدب هو الفخر والملاحم الوطنية!
فالتفاخر وذكر الكويت وأهلها في الطالعة والنازلة هو أهم ما يميز هذا النوع من "الأدب"، ولابد هنا من التأكيد على ذم المنتقدين واتهامهم بالحكومية ووأنهم لا يراعون مصالح الناس!
كنت أعتقد حينما كتبت المقالة السابقة انني كتبتها بخفة دم مستهزئا بأن يتحول "الصراخ" الى أداة دستورية ضمن أدوات النائب في البرلمان، فإذا بي افاجأ اليوم بان لهذا الأدب منظرين وأولياء دم وأنصار وأحزاب!
كيف يتحول التهريج والصراخ الى معلقة شعرية يدافع عنها بعض النواب؟
وكيف يتحول من يحاول تهدئة مستوى الخطاب وينتقد هذا الأسلوب إلى "ناطق رسمي بإسم الحكومة" ؟!
لا أدري.. ولكن كل ما أدريه اننا نعيش زمن التأزيم في كل شيء، والحياة النيابية أصبحت مجرد صراع في صراع، وصوت العقل لم يعد له من آذان تسمع له، وخاصة مع نبرة الصراخ التي ترتفع يوماً بعد آخر!
ولكن ما الذي يريده "الصارخون"؟ ولماذا الصراخ؟
أليس بسبب الفساد الذي يستشري في أجهزة الدولة ولدى المتنفذين كانوا من المحسوبين على السلطة التنفيذية او من جماعات الضغط المساندة لأعضاء مجلس الأمة؟
اذن اكشفوا هذا الفساد للرأي العام ونوروه بدلاً من الصراخ والعويل والتهديدات الفارغة بكشف الحقائق ونشر الوثائق..
بالطبع لا يمكن تبرير الفساد في أجهزة الدولة، ولا يمكن السكوت عن الحقائق السافرة في الاعتداء على المال العام، ولكن العلاج لا يكون بالصراخ، فهناك ألف وسيلة ووسيلة قبل تسميم الأجواء بالضوضاء، والتي غالباً ما تؤدي إلى طمس الحقائق وإخفاء الأدلة، وهروب الجناة.
الكويت تحتاج الى فترة استرخاء وهدوء.. فما عدنا نعرف بعد كل هذا الضجيج أين الحق وأين الباطل.. وأصبحت حياتنا السياسية كأننا في قهوة كبيرة البعض يمارس هوايته في لعب الورق والدومينو على اصوت الصراخ والتشجيع، والبعض يعقد الصفقات وينجز الأعمال مستغلاً الضجيج، والبعض الآخر يضع رأسه في اللابتوب يتسلى أو يبعث بايملاته او يدردش بالماسنجر وكانه لا يسمع شيئاً مما يجري!
في مقالتي السابقة قلت أن "أدب الصراخ" هو اختراع كويتي بامتياز، وطالبت بتسجيل حقوق الملكية الفكرية لأعضاء في مجلس الأمة الكويتي، واليوم فان السجال الذي دار في الجامعة الأميركية يؤكد تسجيل هذا "المنتج" باسم أصحابه الحقيقيين!
وفي ندوة الجامعة الاميركية اكتشفت أن الصراخ ليس "أدباً" فحسب بل هو علاج طبي للآلام، ومع أني سمعت كثيراً عن العلاج بالضحك، والعلاج بالتأمل، والعلاج بالاسترخاء.. إلا أنني لأول مرة أسمع عن العلاج بالصراخ.. لذا قالوا.. الصراخ على قدر الألم!

السبت، 4 أبريل 2009

متى يترجل الكبار!

كتب مقالة في الانتخابات النيابية الكويتية العام الماضي، واليوم أجدها في محلها أيضا فاعيد نشرها في المدونة.
فالانتخابات الكويتية مع انها تشهد في كل عام عزوف البعض عن الترشح إلا أنها في مجملها يهيمن عليها الحرس القديم..
وليس الانتخابات فقط بل حتى التيارات السياسية التي تفتقر حتى الآن الى التجديد ويبقى المهيمن على الحياة السياسية فيها هو من يصل الى كرسي البرلمان..
المقالة من حلقتين هي كما نشرت في جريدة الدار الكويتية..

متى يترجل الكبار؟ (1-2)

قبل أن تبدأ الانتخابات بات في حكم المؤكد غياب ربع أعضاء المجلس السابق عن المجلس القادم، وبالتالي فالتغيير المتوقع يزيد على نصف الأعضاء، وهو يبدو للوهلة الأولى أنه تغيير مؤثر ومهم في الحياة السياسية الكويتية.
ولكن، القراءة المتأنية تكشف عكس ذلك.. فهناك حوالي 27 مرشح وصل البرلمان أكثر من 3 مرات غير الدورات التي فشلوا بها، وهو ما يعني ان هؤلاء المرتقب وصولهم للمجلس قضوا على الأقل 12 سنة في المعركة الانتخابية!
هذا غير عن 16 مرشح فائز بدورتين انتخابيتين سابقتين، وهو ما يعني أن أكثر من 43 مرشح فرصهم كبيرة للوصول للمجلس، كانوا قد شاركوا في الانتخابات لا يقل عن 8 أو 10 سنوات!
والأرقام لعلها تصدم البعض، فهناك 14 مرشح فاز بعضوية البرلمان 3 مرات، وهناك 6 فازوا بالعضوية 4 مرات، و4 مرشحين فازوا 5 مرات، واثنان فازوا 7 مرات، ومرشح واحد فاز بالعضوية 8 مرات!
السؤال، الى متى يستمر هؤلاء بالترشح في الانتخابات؟
الى متى يبقى الشخص صالح للترشح في الكويت، ومتى تنتهي هذه الصلاحية؟
المشكلة ان الحياة السياسية الكويتية بسبب هذا الحرص على المقعد النيابي، أصبحت مختصرة فقط في ما يجري في البرلمان، فقمة العطاء السياسي يبقى داخل مجلس الأمة، وبالتالي فخروج الفارس من الحياة النيابية تعتبر كنهاية رجل شجاع!
الخبرة السياسية مهمة وهي قد ترفد الحياة النيابية الكويتية بوصول هؤلاء المخضرمين للبرلمان، ولكن من التجربة فان العطاء النيابي يتوقف تقريباً بعد التمثيل الثاني للنائب أو الثالث، ويصبح النائب بعدها كالموظف الذي يؤدي عمله الروتيني اليومي.
وتجديد الدماء قد يساهم في الاهتمام بتبني القضايا التنموية والحيوية التي تهم الشارع الكويتي وتساهم في رفد عجلة التنمية والتقدم في البلد. وللأسف فإن الحرص على الكرسي النيابي قبر الكثير من الكفاءات التي كان يمكن ان تقدم الكثير للبلد، ففي المنافسة الانتخابية رصيد النائب في البرلمان نقطة تقدمه على المرشحين الجدد، مهما كان أداءه حتى لو كان سلبياً.
من هنا فالمنافسة هي في الأصل غير متوازنة، كما يترك فرص التغيير محدودة، ومهما قيل عن التغيير في المجلس القادم سواء بسبب تغيير الدوائر أو بسبب الاداء السيئ للمجلس الأخير، إلا أن حضور هذا العدد الكبير من الحرس القديم في الانتخابات الحالية لا يبشر بتغيير مهم في الدورة الحالية.


متى يترجل الكبار؟ (2-2)

الحضور المكثف للحرس القديم في الانتخابات التشريعية في كل مرة، هو بسبب انسداد الأفق واعتبار مجلس الأمة قمة العمل السياسي في الكويت، وهذا الأمر خلق ثغرة كبيرة تتعلق بندرة الخبراء السياسيين.
ويتعجب المرء حينما يعلم أن أغلب نواب مجلس الأمة لا يعينون مستشارين سياسيين أو إعلاميين مع أن هذا متاح لهم، كما أن اللجان الاستشارية التي يشكلها المجلس غالباً ما يكون أعضاءها من الكفاءات الشابة، وبالتالي لا يمكن أن يطلق عليهم خبراء.
قلّة الخبراء السياسيين في الكويت هو نتيجة لهذا التقاتل على المعقد البرلماني، فالعملية الانتخابية لم تعد تفرز دماءً متجددة، ولعلنا ننتظر عقد أو عقدين حتى يصعد الى دائرة الضوء من يطرح أموراً إصلاحية حقيقية، ويستطيع ان يصنع شيء في الحياة السياسية.
ولا يمكن اختصار المشكلة في الطامحين السياسيين، بل تتحمل الإدارة التنفيذية جزءاً مهماً من المشكلة، فهناك الكثير من المناصب القيادية يتم الوصول لها ليس على اساس الكفاءة والخبرة، وخاصة المناصب السياسية، والتي توزع غالباً بالمحاصصة على العوائل والجهات المتنفذة.
فالسفراء مثلاً يعدون في كثير من الدول من الطبقة السياسية المهمة في البلد، وهم يمثلون قواعد مهمة في السياسة الخارجية، ولكن لدينا هم غالباً ليسوا إلا موظفين بيروقراطيين في جهاز حكومي مترهل!
وكذا المستشارين لدى أعمدة السلطة، فهو منصب عادة يقدم للترضية، أو إسماً يقدم للمتقاعدين ممن شغلوا مناصب مهمة في الدولة!
في الكويت أيضاً، لا توجد مراكز دراسات مهمة وفاعلة تتبع مراكز صنع القرار، وبالتالي تستقطب الخبراء السياسيين الذين يتخرجون من واقع العمل السياسي. ولو وجدت، فإن النائب في مجلس الأمة بعد ان يقضي فترة من الممارسة السياسية سيجد مكاناً آخراً يخدم فيه بلده.
ولعلّنا أمام تجربة واضحة للعيان في هذه الانتخابات، فالمعروف أن نائبين مخضرمين أحجما عن الترشح للانتخابات أملا في الحصول على منصب رئاسة ديوان المحاسبة.. وهذه حالة طبيعية.. بل المفروض أن هناك عشرات الفرص السياسية أمام أعضاء مجلس الأمة ليلتحقوا بها، وخاصة الكفوءين منهم، حتى يزهدهم ذلك بعضوية مجلس الأمة، وبالتالي ترك الفرصة للدماء الشابة ليساهموا في إثراء المسيرة الديمقراطية وتجديدها باستمرار.
الحياة السياسية في الكويت تحتاج الى انتفاضة وصحوة وتجديد، وللأسف فإن القوى الفاعلة في البلد وخاصة الإسلامية تميل إلى المحافظة، وهي تعمل على إبقاء ما كان على ما كان حفاظا على مواقعهم ، أو لعلهم خوفاً من التغيير يقتدون بالمثل الكويتي.. ابقى على مينونك لا ييك اللي أين منه!

الثلاثاء، 31 مارس 2009

كلا إن الإنسان ليطغى..

من ابلغ السور القرآنية التي تكشف خبايا انحراف الانسان، وتحوله من رجل المباديء والقيم الى طاغية مستأثر.. هي سورة العلق، التي نزلت آياتها الأولى مفتتحة الوحي على الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله.
من هنا يمكن ان نستوعب حديث الامام الصادق عليه السلام حيث يقول: "من قرأ في يومه أو ليلته (إقرأ باسم ربك) ثم مات في يومه او ليلته مات شهيداً وبعثه الله شهيداً، وكان كمن ضرب بسيفه في سبيل الله عز وجل مع رسول الله صلى الله عليه وآله".. فمقاومة الانسان لنفسه بصورة مستمرة حتى لا تنجر وراء الطغيان هي اعلى مراتب الجهاد وهي الشهادة الحقة..
هكذا تأتي الآية الكريمة في سورة العلق لتضع اليد على حقيقة هذا الانحراف الذي نشاهده حولنا من هنا وهناك.. "كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى".. فالاحساس بعدم الحاجة للآخرين هو الطغيان وهو الانحراف الأكبر في مسيرة الانسان في حياته..
وقيل في تفسير هذه الآية .. رأى نفسه استغنى أي صار ذا مال وثروة.. وقيل أنه رأى نفسه استغنى بالعشيرة والانصار والأعوان..
ولعل البلاغة القرآنية تتجلى هنا في كلمة "رآه" فهي من افعال القلوب وليس الجوارح.. بمعنى النظر بالقلب.. فالانسان يوهم نفسه انه قد أستغنى سواء بالمال او الجاه او العشيرة.. وهذا هو الانسان حينما يفقد الاحساس بالحاجة!
الطغيان ليس في فرعون ونمرود وأبا جهل وهتلر وصدام فقط.. انه موجود فينا وحوالينا.. انه كالخلايا النائمة تستيقظ عندما يترك الانسان العنان لاوهام الاستغناء.. ولو اردنا ان نعد المستأثرين والطغاة حولنا وفق هذه المقياس القرآني اعتقد اننا سنجد منهم الكثير الكثير..
أعاذنا الله وإياكم..

السبت، 28 مارس 2009

جدتي 1

كانت الساعة تقترب من التاسعة مساءً.. موعد نوم جدتي كل يوم..
افترشنا السطح.. كنت مستلقياً بجانب جدتي في ذلك البيت العتيق.. مساحته لا تزيد على المائة متر.. فيه سرداب ودور ارضي يتطرفه حوض تنبع منه الماء من بئر عميقة.. وغرفة جدتي ذات الإطلالة الساحرة على باحة البيت..
في الصيف كنا ننام الليل في السطح.. نقوم قبل المغرب برش السطح بالماء حتى يطيب الهواء ويساعدنا ذلك على النوم في تلك الأيام الحارة حدّ القيظ نهاراً والمعتدلة بعض الشيء مساءً..
السماء صافية صفاء النبع يفيض زلالاً.. والنجوم تتزاحم وكأنها في عرض كوني مهول.. هذا الصفاء وهذا الجمال الكوني لا يضاهيه شيء.. ولعلنا اليوم لا يمكن أن نعود إليه ابدأ.. فلم تكن حينها أدخنة المصانع ومحروقات النفط وعوادم السيارات تتغشى السماء فتجعلها مصفرة مغبرة تكاد تطفئ النجوم وتكسف القمر في بدره..
الليلة هي نوبتي حيث نتقاسم الليالي مع اخوتي وأخواتي للبيات عند الجدة الوحيدة.. حيث تطرفت في العمر وفقدت الكثير من بصرها وداهمتها الامراض.. ولكنها كانت عذبة الروح.. حلوة المعشر.. كلمتها وألف سيف..
قبل ان تغمض جفوني سألتني: حبيبي، ماذا تتمنى ان تحصل عليه؟
كان عمري في الحادية عشر تقريباً..
قلت مسرعاً: راديو..
قلت ذلك وكأنني طعنتها بخنجر.. فقد كانت جدتي متدينة ومتفقهة.. فهي ابنة مرجع ديني كبير في مدينتي المقدسة..
انتفضت غاضبة وقالت: هل تريد سماع الأغاني والموسيقى.. ما هذه الأمنية يا ولد..
لم اجب شيئاً ونمت على تلك الكلمات القاسية التي سمعتها.. فلم افهم منها شيئاً.. لماذا كنت اريد اقتناء جهاز مذياع.. لا أدري.. لماذا نهرتني جدتي بقساوة.. لا أدري..
كل ما أدريه إنني صرت عاشقاً للقلم والتلفاز والإعلام.. أصبحت إعلاميا..

الخميس، 26 مارس 2009

توقف مؤقت عن الصحافة

يسألني بعض الاخوة الاعزاء لماذا توقفت عن الكتابة في جريدة الدار.. السبب انني توقفت بعد ان منعت لي مقالة ثم اخرى بعدها دون سبب وجيه.. وهذه المقالة الاولى التي منعت.. طبعاً هناك اسباب اخرى..
ارسلت بتاريخ 25 فبراير 2009

استفيدوا من التجربة السعودية!
كتبنا في مقال سابق نشيد بفكرة وزارة الداخلية بإنشاء مركز لتأهيل أصحاب الفكر التكفيري، ونعود هنا ونكرر تأييدنا لهذه الفكرة،على اننا رأينا من الواجب التذكير بان الدراسة التي تقدمت بها وزارة الداخلية تضمنت الإشارة للاستفادة من تجربة المملكة العربية السعودية، وهي دعوة مهمة ومفيدة، ولكن علينا عدم استنساخها!
فلجنة المناصحة التي شكلتها المملكة العربية السعودية بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر حققت نجاحات، كما اخفقت في حالات كثيرة، فقد اكدت بعض التقارير الاخبارية، بل وحتى تقارير وزارة الداخلية السعودية، عودة الكثير ممن دخلوا برنامج التأهيل السعودي الى القتال في صفوف الجماعات الإرهابية.
وحسب كاتب سعودي فان المشتغلين على تعطيل نزعة التطرف في شكله العنفي في (لجنة المناصحة) السعودية ، مصابون بذات الداء، سوى انهم لا يحملون السلاح، ولكنهم يحملون الفكر الذي يمهد السبيل للحصول على السلاح واستعماله!
مركز التأهيل الذي اقترحت وزارة الداخلية إنشاءه في الكويت يفترض ان يعمل على انتزاع الفكر التكفيري من عقول هؤلاء المغرر بهم، وليس توجيه مسار هذا الفكر باتجاهات اخرى، كأن توجه الى عقائد أخرى او مذاهب اخرى نتشارك فيها في الوطن الواحد.
نعم، تحريف وجهة السلاح وليس إسقاطه لا يخدم في علاج ظاهرة التطرف والتكفير، ولا يمكن ان يشكل خروجاً من المشكلة الأمنية والاجتماعية التي تسببها هذه الظاهرة في مجتمعنا، وسنبقى ندور في حلقة مفرغة، وكأننا نحاول إخماد النار على ان تبقى الجمار جاهزة للاشتعال لمجرد هبوب عاصفة او ريح من هنا وهناك!
المطلوب عمل مراجعة شاملة للتراث الفكري المسئول عن التحريض والعنف والإرهاب الذي ابتلينا به في عالمنا الإسلامي بسبب الفكر التكفيري.. وهذه المراجعة لا يفترض ان يقوم بها او يكون مسئولاً عنها من ساهموا في التحريض وشاركوا في بث الفكر التكفيري، وكانوا ضمن الجوقة التي ساعدت على تشكيل هذه الفكر بين الشباب الغرّ في مجتمعنا.
وللأسف فان مسار الكثير من اللجان المشابهة في الكويت كانت تقع في نفس المطب، ولا زلنا نعاني من المهيمنين على التعليم الديني، والمسئولين على وضع المناهج الدينية، ولجان مراقبة المساجد في وزارة الاوقاف.. فهذه العناصر المتطرفة يجب إبعادها حتى يحقق المركز الأهداف المطلوبة.
ارجع مرة أخرى للتأكيد بان التجربة السعودية مفيدة ومهمة، ولكن علينا عدم استنساخها، وعلينا ان نأخذ العبر مما جرى في المدينة المنورة قبل أيام، فبسبب تصرف سخيف وغبي من أعضاء في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحولت المدينة المنورة والمنطقة الشرقية الى ساحات للتشابك والعنف والقمع!
والمشكلة أن هذه التصرفات مضمرة وهي تظهر بين الحين والآخر، ولعلّ زيادتها بعض الشيء في هذه الحادثة هو ما صعّدها وحولها الى أزمة أمنية وسياسية.. وإلا فنحن جميعاً نتعرض لعشرات التصرفات المماثلة حينما نقوم بزيارة المرقد الطاهر لرسولنا الأكرم صلى الله عليه وآله او في زيارتنا لمقبرة البقيع، بل حتى في المسجد الحرام!

الأربعاء، 25 مارس 2009

شكراً

قصة قصيرة..
سأبدأ مدونتي بهذه القصة القصيرة.. محاولة لعلها تصيب الهدف.. وعلى الله قصد السبيل

شكراً..
درسوا في مدرسة واحدة.. لعبوا معاً في أزقة المدينة القديمة.. تجاوروا المنازل والبيوت..تسامروا الليالي في بيت هذا أو ذاك..
زعلوا وتصالحوا.. تصاحبوا وتنافروا.. بكوا وضحكوا..
كانوا صبية لا ينظرون أبعد من فريج ومدرسة وأزقة قديمة..
وفي سن الرشد.. وفي ليلة مقمرة حسناء.. كانوا يتسامرون في التخييم في تلك الصحراء الصافية حيث يقضون اجازتهم السنوية المعتادة..
كانت النجوم قد لمعت.. والسماء قد برقت.. والريح استقرت.. ونسمات جميلة مع لفحة من حرارة الفحم المتجمر تلامس الوجوه..
في هذه الليلة حيث تحلو احاديث الصبا والذكريات والصداقة.. جاء صوت سعد مفاجئاً: قررت يا أصدقاء أن أصبح مليونيراً.. فهل تعينونني؟
ذهل الجميع.. صمتوا للحظات صمت حبيبات التراب المشعة بأنوار النجوم والقمر الذي يزهر من بعيد..
قال أحدهم: كيف؟ نحن جميعاً لا نمك إلا القليل.. دماءنا حمراء.. وعروقنا زرقاء..
قال: لا أريد الكثير.. فقط ثلاثون ألف دينار وسأبدأ مشروعي.. وسترون نتائجه في سنوات قليلة..
كانوا لا زالوا على عهد الصبا.. فهم لا يرون إلا صديقهم والمدرسة والذكريات.. والأزقة القديمة..
بادر يوسف وقال: من منكم لا يريد لأخينا سعد ان يصبح مليونيراً؟! قالوا جميعاً: ومن لا يريد ذلك؟.. قال اذن علينا ان ندبر المال الذي طلبه..
عقدوا العزم على عمل شيء لصديقهم سعد.. ما هي إلا أيام والمبلغ بين يديه.. قال وهو يستلم المبلغ: لا أريد ان أصبح مليونيرا لنفسي فقط.. أريدكم معي.. المال ليس كل شيء..
فكانوا معه.. في حلوها ومرها.. في فشلها ونجاحها.. في أفراحها وأتراحها.. حتى كسب سعد المليون.. وجاء مستبشرا فرحا يوم ان علم ان رصيده قد تجاوز المليون ودخل نادي المليونيرية..
حضنهم جميعا.. بكى.. ضحك.. شعر بأنه مع هؤلاء الأصدقاء وكأنه يشم رائحة الأزقة القديمة التي كانوا يلعبون ويتسامرون ويفرحون ويحزنون..
شكراً.. ثم شكراً.. ثم شكراً..
*****
بعد أيام جاء يوسف زائراً لسعد في ذلك المكتب الفخم في الدور العشرين من ذلك البرج الأخضر الجميل.. قال: صديقي الحبيب احتاج الى مبلغ من المال أسد بها حاجتي..
قال سعد: أأمر عزيزي.. المبلغ الذي تريد..
خرج يوسف وبيده شيكاً بقيمة 55 ألف دينار.. لم يفكر حينها هل كانت فاتورة تدفع لعطاء سابق.. هل كانت جزء أم كل الدين السابق؟!
لم يفكر بشيء .. كنا أصدقاء وسنبقى على ذلك.. هذا كل ما خطر في بال يوسف حينها..
*****
بعد سنوات..
اجتمعت الشلّة من جديد.. فكان أحدهم يريد ان يخطوا خطوات سعد.. فجاءوا وطلبوا من سعد ان يرشدهم للطريق..
.. اخينا محمود يريد ان يصبح مليونيراً.. نريدك عونا وسنداً..
كانوا يجلسون على كراسي فاخرة في مكتب يطل من الدور العشرين على المدينة الجميلة الحديثة.. لم تعد للأزقة القديمة من أثر.. وما عادت الفرجان سوى شوارع اسفلتية جديدة..
صمت سعد برهة .. ثم قال ليوسف: ألم تأخذ مني مبلغاً لحاجتك السابقة.. هل نسيت انني انتشلتك من ورطتك السابقة.. وقدمت لك 55 ألف دينار .. هل نسيت.. لولاي لكنت في السجن .. لولاي لتعذب اولادك... لولاي... لولاي...
يوسف مرت بمخيلته شيك الـ 55 ألف دينار و الثلاثين ألف التي جمعوها ديناراً ديناراً.. والتعب.. والصداقة.. والمدرسة.. والأزقة القديمة..
قام الأصدقاء من مكانهم.. وقالوا بصوت واحد: شكراً..
غادروا ولم يعودوا أبداً الى عهد الصبا والمدرسة والفريج والأزقة القديمة..
ضياء
25/3/2009