السبت، 4 أبريل 2009

متى يترجل الكبار!

كتب مقالة في الانتخابات النيابية الكويتية العام الماضي، واليوم أجدها في محلها أيضا فاعيد نشرها في المدونة.
فالانتخابات الكويتية مع انها تشهد في كل عام عزوف البعض عن الترشح إلا أنها في مجملها يهيمن عليها الحرس القديم..
وليس الانتخابات فقط بل حتى التيارات السياسية التي تفتقر حتى الآن الى التجديد ويبقى المهيمن على الحياة السياسية فيها هو من يصل الى كرسي البرلمان..
المقالة من حلقتين هي كما نشرت في جريدة الدار الكويتية..

متى يترجل الكبار؟ (1-2)

قبل أن تبدأ الانتخابات بات في حكم المؤكد غياب ربع أعضاء المجلس السابق عن المجلس القادم، وبالتالي فالتغيير المتوقع يزيد على نصف الأعضاء، وهو يبدو للوهلة الأولى أنه تغيير مؤثر ومهم في الحياة السياسية الكويتية.
ولكن، القراءة المتأنية تكشف عكس ذلك.. فهناك حوالي 27 مرشح وصل البرلمان أكثر من 3 مرات غير الدورات التي فشلوا بها، وهو ما يعني ان هؤلاء المرتقب وصولهم للمجلس قضوا على الأقل 12 سنة في المعركة الانتخابية!
هذا غير عن 16 مرشح فائز بدورتين انتخابيتين سابقتين، وهو ما يعني أن أكثر من 43 مرشح فرصهم كبيرة للوصول للمجلس، كانوا قد شاركوا في الانتخابات لا يقل عن 8 أو 10 سنوات!
والأرقام لعلها تصدم البعض، فهناك 14 مرشح فاز بعضوية البرلمان 3 مرات، وهناك 6 فازوا بالعضوية 4 مرات، و4 مرشحين فازوا 5 مرات، واثنان فازوا 7 مرات، ومرشح واحد فاز بالعضوية 8 مرات!
السؤال، الى متى يستمر هؤلاء بالترشح في الانتخابات؟
الى متى يبقى الشخص صالح للترشح في الكويت، ومتى تنتهي هذه الصلاحية؟
المشكلة ان الحياة السياسية الكويتية بسبب هذا الحرص على المقعد النيابي، أصبحت مختصرة فقط في ما يجري في البرلمان، فقمة العطاء السياسي يبقى داخل مجلس الأمة، وبالتالي فخروج الفارس من الحياة النيابية تعتبر كنهاية رجل شجاع!
الخبرة السياسية مهمة وهي قد ترفد الحياة النيابية الكويتية بوصول هؤلاء المخضرمين للبرلمان، ولكن من التجربة فان العطاء النيابي يتوقف تقريباً بعد التمثيل الثاني للنائب أو الثالث، ويصبح النائب بعدها كالموظف الذي يؤدي عمله الروتيني اليومي.
وتجديد الدماء قد يساهم في الاهتمام بتبني القضايا التنموية والحيوية التي تهم الشارع الكويتي وتساهم في رفد عجلة التنمية والتقدم في البلد. وللأسف فإن الحرص على الكرسي النيابي قبر الكثير من الكفاءات التي كان يمكن ان تقدم الكثير للبلد، ففي المنافسة الانتخابية رصيد النائب في البرلمان نقطة تقدمه على المرشحين الجدد، مهما كان أداءه حتى لو كان سلبياً.
من هنا فالمنافسة هي في الأصل غير متوازنة، كما يترك فرص التغيير محدودة، ومهما قيل عن التغيير في المجلس القادم سواء بسبب تغيير الدوائر أو بسبب الاداء السيئ للمجلس الأخير، إلا أن حضور هذا العدد الكبير من الحرس القديم في الانتخابات الحالية لا يبشر بتغيير مهم في الدورة الحالية.


متى يترجل الكبار؟ (2-2)

الحضور المكثف للحرس القديم في الانتخابات التشريعية في كل مرة، هو بسبب انسداد الأفق واعتبار مجلس الأمة قمة العمل السياسي في الكويت، وهذا الأمر خلق ثغرة كبيرة تتعلق بندرة الخبراء السياسيين.
ويتعجب المرء حينما يعلم أن أغلب نواب مجلس الأمة لا يعينون مستشارين سياسيين أو إعلاميين مع أن هذا متاح لهم، كما أن اللجان الاستشارية التي يشكلها المجلس غالباً ما يكون أعضاءها من الكفاءات الشابة، وبالتالي لا يمكن أن يطلق عليهم خبراء.
قلّة الخبراء السياسيين في الكويت هو نتيجة لهذا التقاتل على المعقد البرلماني، فالعملية الانتخابية لم تعد تفرز دماءً متجددة، ولعلنا ننتظر عقد أو عقدين حتى يصعد الى دائرة الضوء من يطرح أموراً إصلاحية حقيقية، ويستطيع ان يصنع شيء في الحياة السياسية.
ولا يمكن اختصار المشكلة في الطامحين السياسيين، بل تتحمل الإدارة التنفيذية جزءاً مهماً من المشكلة، فهناك الكثير من المناصب القيادية يتم الوصول لها ليس على اساس الكفاءة والخبرة، وخاصة المناصب السياسية، والتي توزع غالباً بالمحاصصة على العوائل والجهات المتنفذة.
فالسفراء مثلاً يعدون في كثير من الدول من الطبقة السياسية المهمة في البلد، وهم يمثلون قواعد مهمة في السياسة الخارجية، ولكن لدينا هم غالباً ليسوا إلا موظفين بيروقراطيين في جهاز حكومي مترهل!
وكذا المستشارين لدى أعمدة السلطة، فهو منصب عادة يقدم للترضية، أو إسماً يقدم للمتقاعدين ممن شغلوا مناصب مهمة في الدولة!
في الكويت أيضاً، لا توجد مراكز دراسات مهمة وفاعلة تتبع مراكز صنع القرار، وبالتالي تستقطب الخبراء السياسيين الذين يتخرجون من واقع العمل السياسي. ولو وجدت، فإن النائب في مجلس الأمة بعد ان يقضي فترة من الممارسة السياسية سيجد مكاناً آخراً يخدم فيه بلده.
ولعلّنا أمام تجربة واضحة للعيان في هذه الانتخابات، فالمعروف أن نائبين مخضرمين أحجما عن الترشح للانتخابات أملا في الحصول على منصب رئاسة ديوان المحاسبة.. وهذه حالة طبيعية.. بل المفروض أن هناك عشرات الفرص السياسية أمام أعضاء مجلس الأمة ليلتحقوا بها، وخاصة الكفوءين منهم، حتى يزهدهم ذلك بعضوية مجلس الأمة، وبالتالي ترك الفرصة للدماء الشابة ليساهموا في إثراء المسيرة الديمقراطية وتجديدها باستمرار.
الحياة السياسية في الكويت تحتاج الى انتفاضة وصحوة وتجديد، وللأسف فإن القوى الفاعلة في البلد وخاصة الإسلامية تميل إلى المحافظة، وهي تعمل على إبقاء ما كان على ما كان حفاظا على مواقعهم ، أو لعلهم خوفاً من التغيير يقتدون بالمثل الكويتي.. ابقى على مينونك لا ييك اللي أين منه!

هناك تعليقان (2):

  1. سيترجل الكبار عن الكرسي الاخضر...

    بتعديل القانون فقط لا غير السماح للعضو المشاركة بدورتين فقط لاغير ...

    ردحذف
  2. اقتراح جيد اخي الطائر الحر واتمنى ان يتم اقراره باسرع ما يمكن.. ولكن كيف يجد طريقه للتشريع مع هذا التذابح على الكرسي الاخضر..
    لا أجد طريقاً إلا بعقد مؤتمر وطني شبيه بمؤتمر جدة يتم فيه حلحلة بعض الامور التي اصبحت عائقا في طريقة الديمقراطية الكويتية

    ردحذف