الخميس، 16 أبريل 2009

أدب الصراخ

كتبت قبل أشهر عن "أدب الصراخ" الذي أصبح ظاهرة في مجلس الامة الكويتي، واليوم بعد ما سمعت دفاع النائب السابق مسلم البراك المستميت عن هذا النوع من الممارسة "الديمقراطية" أصبحت أعتقد ان أهم أغراض هذا الأدب هو الفخر والملاحم الوطنية!
فالتفاخر وذكر الكويت وأهلها في الطالعة والنازلة هو أهم ما يميز هذا النوع من "الأدب"، ولابد هنا من التأكيد على ذم المنتقدين واتهامهم بالحكومية ووأنهم لا يراعون مصالح الناس!
كنت أعتقد حينما كتبت المقالة السابقة انني كتبتها بخفة دم مستهزئا بأن يتحول "الصراخ" الى أداة دستورية ضمن أدوات النائب في البرلمان، فإذا بي افاجأ اليوم بان لهذا الأدب منظرين وأولياء دم وأنصار وأحزاب!
كيف يتحول التهريج والصراخ الى معلقة شعرية يدافع عنها بعض النواب؟
وكيف يتحول من يحاول تهدئة مستوى الخطاب وينتقد هذا الأسلوب إلى "ناطق رسمي بإسم الحكومة" ؟!
لا أدري.. ولكن كل ما أدريه اننا نعيش زمن التأزيم في كل شيء، والحياة النيابية أصبحت مجرد صراع في صراع، وصوت العقل لم يعد له من آذان تسمع له، وخاصة مع نبرة الصراخ التي ترتفع يوماً بعد آخر!
ولكن ما الذي يريده "الصارخون"؟ ولماذا الصراخ؟
أليس بسبب الفساد الذي يستشري في أجهزة الدولة ولدى المتنفذين كانوا من المحسوبين على السلطة التنفيذية او من جماعات الضغط المساندة لأعضاء مجلس الأمة؟
اذن اكشفوا هذا الفساد للرأي العام ونوروه بدلاً من الصراخ والعويل والتهديدات الفارغة بكشف الحقائق ونشر الوثائق..
بالطبع لا يمكن تبرير الفساد في أجهزة الدولة، ولا يمكن السكوت عن الحقائق السافرة في الاعتداء على المال العام، ولكن العلاج لا يكون بالصراخ، فهناك ألف وسيلة ووسيلة قبل تسميم الأجواء بالضوضاء، والتي غالباً ما تؤدي إلى طمس الحقائق وإخفاء الأدلة، وهروب الجناة.
الكويت تحتاج الى فترة استرخاء وهدوء.. فما عدنا نعرف بعد كل هذا الضجيج أين الحق وأين الباطل.. وأصبحت حياتنا السياسية كأننا في قهوة كبيرة البعض يمارس هوايته في لعب الورق والدومينو على اصوت الصراخ والتشجيع، والبعض يعقد الصفقات وينجز الأعمال مستغلاً الضجيج، والبعض الآخر يضع رأسه في اللابتوب يتسلى أو يبعث بايملاته او يدردش بالماسنجر وكانه لا يسمع شيئاً مما يجري!
في مقالتي السابقة قلت أن "أدب الصراخ" هو اختراع كويتي بامتياز، وطالبت بتسجيل حقوق الملكية الفكرية لأعضاء في مجلس الأمة الكويتي، واليوم فان السجال الذي دار في الجامعة الأميركية يؤكد تسجيل هذا "المنتج" باسم أصحابه الحقيقيين!
وفي ندوة الجامعة الاميركية اكتشفت أن الصراخ ليس "أدباً" فحسب بل هو علاج طبي للآلام، ومع أني سمعت كثيراً عن العلاج بالضحك، والعلاج بالتأمل، والعلاج بالاسترخاء.. إلا أنني لأول مرة أسمع عن العلاج بالصراخ.. لذا قالوا.. الصراخ على قدر الألم!

هناك 5 تعليقات:

  1. الحياة السياسية الكويتية تمر بفترة زمنية عصيبة
    لا نعلم من اين اتت وابتدأت
    كما اسلفت الصراخ صار اداة و وسيلة لاظهار القوة حسب ما يراها الصارخون ولكن انا ارى انها دليل على ضعف البرهان و الحقيقة

    ردحذف
  2. تحية طيبة
    شكرا لمرورك اخي دكتور معرفي
    نعم الصراخ يبدو انه اصبح طريقة يمتهنه البعض للوصول الى البرلمان
    الحياة السياسية الكويتية نعم تمر باحرج اوقاتها بسبب هيمنة عقلية متخلفة عليها.

    ردحذف
  3. الوضع في الكويت أصبح غير معروف الهوية أبداً، فهناك لحظات أصبحنا نشعر بأنها لن تنتهي ! ، لا أعلم لماذا ولكني بلغت سن اليأس من السياسة الداخلية للكويت، فالشعب أصبح لا يعرف مفهوم الهدوء في الحياة بشكل عام، بل أصبح الشكل العام هو الفوضى الغير منظمة والغير هادفة !.

    الله يكون في العون إن شاء الله

    ردحذف
  4. بسم الله

    " ثقافة الصراخ " أو أدب الصراخ كما اسميتها ..
    هي العملة النقدية لـ " مرور " أي عمالة لأي نائب ..

    وكما يُقال بأن " البراك " معاملته تمر بالوزارات بسرعة " الفورملا ون " !

    ردحذف
  5. الوضح الحالي بالكويت يحتاج للصراخ لان بعض اللي قاعدين بالسطر الاول بالمجلس الله يكافيك شرهم عندهم مشاكل بالسمع فربما الصراخ يفيد ببعض الاحيان علشان يقدرون يردون...........

    ردحذف