الخميس، 3 فبراير 2011

"المشاية" شعيرة ولا كل الشعائر!

هل سمعتم عن "المشاية" الى كربلاء في أربعينية الامام الحسين عليه السلام؟
بالتأكيد سمعتم بها، خاصة مع النقل المكثف للمناسبة من قبل القنوات التلفزيونية التي اولت مناسبة الاربعين اهتماماً خاصاً..
ولكن ان تسمع بالشيء ليس كما تراه.. إنه شيء يفوق التصور، ويصعب على التحليل، ويعجز عن التفسير.. ولعل كل واحد من اولئك الـ 10 او الـ 15 مليون من المشاركين في مسيرة المشاية لديه تفسيره وسببه الخاص، وإن اجمعوا على عشق وحب وتفاني في الحسين عليه السلام.
ولو قام احد بتسجيل تفاصيل ما يجري في هذا الكرنفال الكبير لاحتاج الى كتاب من مئات الصفحات، ومع أن الكثير منه شاهده الناس عبر الفضائيات او قرأوه في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية، إلا أن هناك امور لعلها لا تمحى من ذهن المعايش لهذه المسيرة المليونية..
من النجف الأشرف الى كربلاء المقدسة ثلاثة ايام من المشي والاستراحة والاكل والصلاة.. فيها لا تشعر بالحاجة الى الماء او وجبات الأكل أو التحلية بعد الأكل أو المكان للمنام او المكان للصلاة والاستراحة وغيرها.. كل شيء متوفر.. في أي مكان وفي كل مكان وفي أي زمان وفي كل زمان.. أي لا تحتاج لأن تمشي خطوات أخرى لتحصل على مكان للنوم او طعام او غير ذلك .. إلا إذا أردت ان تفاضل في اختياراتك!
وهناك ترى فنون الخدمة التي يقدمها المتطوعون، بل تجد التسابق لتقديم الافضل.. وبكل رحابة صدر وأريحية وتفاني وحب وطاعة وتذلل.. وكأنك الخادم وهو المخدوم!
هناك من نصب المواكب وتطوع المئات في الخدمة في موكبه ليقدم آلاف الوجبات ومكان يسع المئات.. وهناك من لم يجد إلا لسانه يبذل فيه بالكلام العذب ليشجع الزائرين على مواصلة المسير.. وهذا بحد ذاته فن من فنون الخدمة التي تشاهدها في مسيرة المشاية وهو فن التشجع!
فتجد الرجل ذو الهيبة.. شيخ عشيرة أو صاحب شهادة عليا أو رجل دين او انسان عادي يملك الكلمات الجميلة المشجعة.. فيقف على اطراف الطريق ويقوم بالتشجيع بكل من يملك من أدب الحب والعشق في قاموسه الخاص.. وانت تشعر وانت تسمع له وكأنك ملكت الجنان، وحزت الغنيمة من مشاركتك في هذه الشعيرة.. فتزداد عزيمة، ويخف عليك وطأة التعب والصعاب التي تمرّ بها..
ومن فن التشجيع الى فن التسابق على تقديم الأفضل.. هل رأيت معطياً بالمجان يتوسل بمن يأخذ منه عطاءه؟! أو معطياً بالمجان يدلل على عطاءه؟!
هذا ما تزخر به طرق المشاية، بل انك تشعر وكأن هذا المعطي يريد منك العطاء، لا أن يعطيك مما جادت به نفسه.. نعم هم يبذلون باعتقاد كامل بأن من يأخذ منهم هو المتفضل عليهم! متمثلين دائماً بقول شاعرهم:
كل الخدم شفناها تنهان بالعين
بس بكرامة تعيش خدام الحسين
أو قول شاعرهم:
كل خدمة تنقاس ذلة وندامة
بس خدمة أهل البيت عزة وكرامة
فحين يحين وقت تقديم الطعام في الموكب يذهب عدد من المتطوعين ليقفوا في وسط طرق المشاية ويفرشون ايديهم.. يترجون الناس ليدلفوا على موكبهم ويأكلوا من زادهم.. وهناك من يبدأ بعمل الدعاية لأكلهم.. فيدعوا الناس لنوع الطعام الذي يقدموه وميزاته ويطلبون برجاء من الناس ليأكلوا عندهم!
وكل ما يؤكل في الطريق لذيذ، فقط انت في بعض الاوقات تختار الألذ مما يقدم.. وكثيراً ما تأكل مما يطبخ في البيوت، بعضها من عليه القوم وبعضها من بيوت المستضعفين.. فعدد المواكب فقط في طريق النجف – كربلاء لا يقل عن 5000 آلاف موكب خدمي، بمعنى ان هناك ما لا يقل عن 5000 طباخ و10000 مساعد طباخ، طبعاً جميعهم متطوعون!
ومن يخدم في الطريق ليس فقط من ابناء الطبقة المستضعفة من الناس، بل تجد الأطباء والمهندسين واصحاب الشهادات العليا والتجار وشيوخ العشائر والوجهاء والمثقفين والكتاب والاعلاميين وغيرهم.. هي مائدة ربانية تذوب فيها الفوارق ويتحد كل الناس في بوتقة خدمة زوار ابي عبد الله الحسين عليه السلام.
وفي طريق المشاية، تجد خدمات مجانية غريبة، ولا تخطر على بال أحد!
• أحدهم افترش جانباً من الطرق وكتب لوحة لمن يريد تصليح عربات الاطفال، فتقف النساء ممن جلبوا أطفالهم بعربات ليصلحوا ما كسر من العربة.. وبكل خبرة وتفاني يعمل هذا المتطوع على مدار الساعة لاصلاح مئات العربات يوميا!
• مجموعة من الاسكافية اتخذوا مكاناً على الطريق، وجلبوا ماكنات تصليح الشنط والأحذية، وكتبوا لوحة " اسكافي مجاناً" ليقف من تمزقت شنطته او حذاءه فيقوم اولئك المتطوعون بخياطة واصلاح ما تمزق بالطريق!
• خدمة التدليك المجاني: وهو من عجائب طريق المشاية، فتجد مجموعة فقط عملهم ان يتلقوا الزائرين فيجلسوهم ثم يقومون بتدليكهم وغسل ارجلهم ومداواتهم اذا احتاجوا للمداواة!
• الاتصالات المجانية: فهناك بين الحين والآخر يقف بعض المتطوعين وأمامه طاوله ليوفروا اتصالات ارضية وجوالة بالمجان للزائرين.
• شحن للهواتف والموبايلات: وهو كثيرا ما تجده في الطريق هناك من عمل لوحة خشبية عليها مجموعة من موزعات الكهرباء مع كراسي ليستريح عليها الزائر وهو ينتظر تلفونه يشحن!
• امرأة كبيرة بالسن كانت تقف امام منزلها المقابل لطريق المشاية وكل ساعة او ساعتين تقوم بكنس الطريق المقابل لبيتها.. وكأن بذلها وعطاءها هو تنظيف الطريق للمشاية!
• امرأة كبيرة بالسن، كانت تسخِّر اولادها ليقوموا بمساعدة بعض المشاية الذين يحملون اغراض معهم.. فكانوا يحملون معهم لكيلو متر أو أكثر ثم يعودوا ادراجهم ويكرروا العملية مع زائر آخر!

هذه بعض المشاهدات، وهناك المئات مما يروى ويقص بين الزائرين، ويبقى سؤال يحير كل من عايش هذه التجربة، من اين يأتي الزاد الذي يصرف على الناس باستفاضة؟ من أين يأتي اصحاب المواكب بالمأكل والمشرب الذي يفيض على حاجة اولئك المشاركين في المسيرة المليونية ولمدة 15 يوم او يزيد؟
كم وجبة طعام صرفت؟ كم قطعة فاكهة وزعت؟ كم علبة عصير او ماء سقي به المشاية؟ كم بطانية تلحف بها المشاركون بالمشاية؟ كم علم مرفوع في المسيرة؟ كم علم منصوب على الطرقات؟ كم هيئة او موكب خدم في الطريق؟ كم شخص تطوع للخدمة في الطريق الى كربلاء؟ كم ساعة تطوع صرفت في هذه الشعيرة؟
الدولة العراقية لم تشارك في مجمل هذه الخدمات، وهذا بتصريح واضح من اصحاب المواكب والهيئات، فلم تصرف اموال الدولة العراقية او اي دولة اخرى لتهيئة مثل هذه الخدمات.. اذن من أين جاءت هذه الاموال المليونية؟ وكيف أمنها اصحاب المواكب وأكثرهم من المستضعفين البسطاء؟
لتلك الاسئلة رواية عشق خاصة.. قد لا نستطيع فهمها.. وقد تبقى اجاباتها مجهولة.. ولكنها تروي جزءاً من قصة "البركة" التي تفيض بها زيارة الاربعين.. أو لعلها تفسر قصة "الثريد" وبني هاشم حينما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله في تلك الرواية المعروفة في التاريخ.. أو هي افاضات تقصر عن فهما العقول الصغيرة.. هكذا تصبح "المشاية" شعيرة ولا كل الشعائر..

الاثنين، 1 نوفمبر 2010

سابوا الحمار ومسكوا البردعة!

وزارة الاوقاف والشئون الاسلامية في الكويت أخيرا تنبهت لخطر التشدد الذي يأتينا من كلية الشريعة، فها هي تعد لإطلاق مشروع لنبذ التطرف والغلو بالتنسيق مع جامعة الكويت كما تنشر جريدة القبس في عدد يوم 25 أكتوبر الجاري.
وحسب الصحيفة الكويتية فان المشروع يهدف الى ايجاد جيل محصن من الغلو والتطرف، والتخطيط للأسباب التي قد تؤدي الى انحراف الشباب لوقايتهم من ذلك.
واشارت الصحيفة الى أنه سيتم اعداد دراسة لإمكان ادراج مقرر دراسي عن نبذ أفكار التطرف والغلو في صحيفة تخرج الطلبة في كلية الشريعة واعداد مطبوعات ومنشورات تعالج موضوع التطرف.
خطوة وزارة الاوقاف تستحق التوقف، فهي تستشعر خطر الفكر المتطرف الذي يستشري بين طلبة كلية الشريعة، والذي تحول في مرات عدة الى ممارسات عنفية بحمل السلاح (والجهاد) ضد الوطن والمواطنين.
ولكن، وزارة الاوقاف كعادتها تبحث عن مظاهر ازمة لتعالجها، بدلاً من تقديم حلول لاجتثاث المشكلة من اصلها، فهي كما مستوصفات وزارة الصحة لا تعرف إلاّ المسكنات، فليس هناك وصفة لا تحتوي على بندول!
والواقع ان زارة الاوقاف بمشروعها هذا (سابت الحمار ومسكت البردعة) كما يقول اخواننا المصريين، وهذا حالنا في كل مرة، فهي تبحث عن مشاريع شكلية تصرف عليها أموال طائلة، ثم تنتهي بلا شيء!
المشكلة يا عالم في مناهج التكفير التي تدرس في كلية الشريعة.. والمشكلة يا ناس في اساتذة التكفير ونبذ الآخر الذين يحتلون مقاعد التدريس في كلية الشريعة..
فما الفائدة من مادة دراسية تتحدث عن نبذ التطرف والغلو وغالباً يدرسها استاذ مغالي ومتطرف، في مقابل عشرات المواد التي تكرس رأي عقدي واحد، واجتهاد فقهي واحد، وتسخف وتكفر وتنبذ الآراء الأخرى!
ما الفائدة من القول بان الدين الاسلامي السمح يدعو الى الوسطية والاعتدال والبعد عن الغلو والتطرف، في حين اغذي الطالب صبح مساء بأن كثير من المسلمين مبتدعين وكل بدعة ظلالة وكل ظلالة في النار، وأن اولئك كفرة يستحقون القتل في الدنيا والجحيم والخلد في نار الله المسعرة!
ما الفائدة من الحديث عن دعوة الاسلام للقبول بالآخر ونبذ الارهاب، ويتم تدريس الطلبة بتركيز كراهية الآخر والاستخفاف بعقائده وطقوسه ورموزه!
وزارة الأوقاف لا ترى حتى الآن خطورة ما تحتويه مناهج التدريس في كلية الشريعة، وبالتالي فهي غير قادرة على وضع الحلول لمكافحة التطرف، فهي باختصار كالطبيب يداوي الناس وهو عليل!

آخر السطر
عثمان الخميس والعريفي استخفا بعقول مستمعيهم ومشاهدي قناة الجزيرة التي نقلت محاضرتهم المليئة بالكذب والدجل وقال أحدهم ان شيعيا من كلية الشريعة اتصل به واهتدى على يديه ليتحول الى التسنن!
الجميع يعلم وانا شخصيا عايشت ذلك في الثمانينات حينما كنت في جامعة الكويت، ان شيعيا يدخل كلية الشريعة إما يتم قبوله بالخطأ او بسبب معدله المتدني، وهؤلاء يهربون من الكلية من أول كورس حتى انهم لا يأخذون اي مادة في داخل الكلية!
واتذكر احد الاصدقاء ممن ابتلي بالقبول في كلية الشريعة أخذ مادة بالخطأ في الكلية ومن أول محاضرة لم يفوت الدكتور فرصة نيل الثواب والاجر بهذا الحضور (المبارك) ليصب جام غضبه على الرافضة والروافض الذين خربوا الدين وحرفوه عن مقاصده.. طبعا كانت هذه أول وآخر محاضرة لصديقنا في كلية الشريعة.. خرج ولم يعد!

الأربعاء، 6 أكتوبر 2010

تفاوضوا مع المرجعيات ولا تذهبوا للدكاكين!

مبادرة الدكتور عجيل النشمي بإنشاء مجلس اعلى خليجي شعبي يجمع علماء الشيعة والسنة في الخليج، لعلها جاءت في وقتها، فنحن احوج ما نكون الى أطر جمعية تتدخل لوأد الفتن بعيداً عن مهاترات المتطرفين من هنا وهناك.
ولكن، هل هذه النوايا التي تنطلق منها هذه المبادرة يمكن ان تستقيم وتحقق شيء في الواقع الاسلامي العام؟ أم هي اجترار لمحاولات التقريب التي فشلت حتى في التقريب بين اعضاء هذه المجالس والتجمعات فكيف بين ابناء الأمة؟
الدكتور عجيل النشمي اعلن عن هذه المبادرة نيابة عن رابطة علماء الشريعة في دول مجلس التعاون الخليجي التي يرأسها، وهي تهدف الى جمع وجهاء وفقهاء ومراجع من السنة مع وجهاء وفقهاء ومراجع معتبرة ومعتمدة من الشيعة تكون مهمته المبادرة الى التداعي لمعالجة الاقوال والاحداث المفرقة للأمة، على ان يكون للمجلس نظام محدد وقراره القول الفصل في الاحداث.
كلمة "معتبرة ومعتمدة" يجب تحقيقها بالفعل وليس بالشعار، وهذا لا يكون إلا بالذهاب للمرجعيات مباشرة وطلب ترشيح ممثلين عنهم من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي.
فالتجارب السابقة كانت تنتقي ممثلي الطائفة الشيعية ممن يُسمع منهم آراء معتدلة، أو من يكون الضوء الاعلامي مسلطاً عليهم باستمرار، وبالتالي فهي اسماء مكررة معروفة تبرز عادة حين الحديث عن التقارب والتحاور بين الشيعة والسنة.
وهؤلاء بلا مواربة لا يسمع لهم في الوسط الشيعي دون تزكية واضحة وعلنية من المرجعية الشيعية.
ولعلّ تجربة الشيخ محمد تقي القمي ودار التقريب التي اسسها مع شيخ الأزهر الشريف، وهي التجربة الوحيدة التي كتب لها النجاح، لأنها كانت تستند على دعم وتأييد واسناد وتفاعل من المرجع الاعلى حينها آية الله البروجردي.
ولا بد أن نتأسف ايضا ونحن نقرأ هذه المبادرة فهي وإن انطلقت من المعتدلين، إلا انها لم تكن سوى ترديد لترهات المتطرفين، فهي تنطلق من اتهام واضح للجناح الشيعي وكأنه هو سبب هذه الفتن وعليه أن يكفر عنها!
فبيان الدكتور عجيل النشمي أقرّ بأن " المواطنين الخليجيين من الشيعة بمراجعهم المعتبرة يقفون مع السنة في الحفاظ على وحدة المجتمعات الخليجية، ورد مثل هذه الاقوال الشاذة (آراء ياسر الحبيب) التي تسبب الفتنة والفرقة، ولا تفيد إلا الاعداء، وان الوحدة الوطنية مطلب الجميع"!
وماذا عما هو موجود في الجناح الآخر؟
وما تقولون في قنوات الفتنة والظلال والتكفير اليومي العلني اما مسامعكم؟
وماذا عن فتاوى التكفير التي يوقع عليها جحافل علماء بلاد الحرمين وعلماء من دول مجلس التعاون الخليجي والتي تكفر الشيعة وتحلّ دمهم وعرضهم ومالهم؟
وماذا عن أمثال حامد العلي ومبارك البذالي وغيرهم؟ لماذا لا تتبرون منهم كما تطلبون من الشيعة التبري من ياسر الحبيب؟
وماذا عن دعوات بعض علماء الكويت والمنطقة التي جاهرت بدعوة الشيعة التخلي عن كتبهم كبحار الانوار والكافي والاستبصار وغيرها؟
وماذا عن التحريض الذي يطلقه "المعتدلون" عندكم ضد الشيعة "كل الشيعة" وهؤلاء المعتدلون يتسنمون مراكز رسمية وعلمية ومواقع دينية واعلامية مهمة؟!
السؤال متى نحصل على مفاوضين في الطرف السني من علماء دول الخليج يعترفون بأن في صفوفهم من يثير الفتن ويتجاوز على مقدسات الشيعة ويساعدون على اهدار الدم الشيعي هنا وهناك؟
شخصيا اعتبر أن هذه عملة لم تضرب بعد! أو لعلها ضربت في زمن ولّى وما عادت سوى تحفة لدى جامعي العملات القديمة!

الاثنين، 20 سبتمبر 2010

السلف وأحلام اليقظة!

الآن وقد بانت النوايا وانكشفت، أصبح من السذاجة الاعتقاد ان الضجة التي اثيرت حول ياسر الحبيب هي دفاع عن عرض رسول الله صلى الله عليه وآله، أو انتصار لأم المؤمنين، فقد وصلت كلمة السرّ وبدأ اليمين المحافظ الجديد في الكويت يعلن عن نواياه بكل وضوح وصراحة!
انهم بكل بساطة يريدون تضعيف الوجود الشيعي في الكويت، وبعضهم بسخافة يعتقد ان هذا الوجود يمكن ان يمحى، كما حاولوا لأول مرة عبر فيصل الدويش والاخوان في معركة الجهراء عام 1921م!
فها هم يقولون عبر سلسلة طويلة من المقالات والتصريحات، أن المشكلة هي في التراث الشيعي، حيث يحوي الكثير من المثالب والتناقضات وبالتالي يجب بالتبرؤ من (بحار الانوار) و (الكافي) و(الاستبصار) وغيرها من أمهات المصادر الاسلامية التي تحوي حديث رسول الله وأهل بيته صلوات الله عليهم.
حتى ادعى أحدهم بسخافة وهو عبد اللطيف العتيقي في جريدة القبس بأنه "ما زال بانتظار الـ 11 ناشطاً شيعياً جُلهم من الأكاديميين والمشايخ ووعدونا منذ السنة الماضية بإعادة النظر في بعض الكتب المخالفة التي تتناقض مع نصوص القرآن الكريم"!!
عجباً! بل حمقاً! تظن أن أولئك (لو صحت روايتك المكذوبة) موكلون بإعادة النظر بالتراث الشيعي المروي عن أهل البيت عليهم السلام، وهناك عشرات المراجع والعلماء الافذاذ في الحوزات العلمية والجامعات الدينية يتصدون لمهمة النظر في هذا التراث لاستخلاص الاحكام والرؤى والحقيقة التي تريدون تغييبها بأي وسيلة حتى لو كانت بالكذب والافتراء والدجل.
نعم، إذا كان احد اولئك المشايخ هذا الذي يخرج على شاشة قناة الوطن، والذي لا يميز بين البدعة والصلاة المفروضة، فهو صنيعتكم، وليس لنا معرفة به، وهو أشبه بتلك الفقاقيع المعممة التي خرجت في العراق بعد سقوط صدام، وتبين بعد ذلك انها كانت تخدم في اجهزة استخبارات نظام البعث البائد!
أما عن عدم تطابق بعض الاحاديث المروية في كتب الشيعة مع القرآن الكريم، فهذا بحث يومي في الحوزات العلمية الشيعية يقوم به مئات المجتهدين، وليس أحرص على كتاب الله عز وجل أكثر من المجتهدين الشيعة، فهم يستقون أحاديثهم عن أهل البيت عليهم السلام، وهم صنو القرآن الكريم، لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله: " إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا" (مروي بعشرات المصادر السنية قبل الشيعية)
العجيب في اولئك الحمقى أن يرموا الناس بحجر وبيوتهم من زجاج، فالسلفية التي جاءت مستحدثة مذهباً جديدا في الاسلام مع ابن تيمية هي من جعلت العصمة لكتب التراث (ما سمي بالصحاح) وهي التي ابتدعت العصمة لكل من شاهد الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله (ما سمي بالصحابة)، فالأحرى بها أن تعيد النظر بكتب تراثها وتنقيها من الغث الذي يملأها، كما يفعل باقي المسلمين سنة وشيعة حين مراجعتهم لكتب التراث.
ولو كان لديكم عقل ودين لقرأتم رواية المرتد سلمان رشدي الآيات الشيطانية فهو ادعى بحق او بدون حق ان الكثير مما رواه في كتابه استقاه من صحاح المسلمين، فكان الاجدى ان تنظروا الى ما تطابق بين روايته وما رويتموه في كتبكم!
وليس من ردّ على أولئك إلا ما سطرته أنامل الكاتب الديمقراطي الوحيد في الكويت عبد اللطيف الدعيج في جريدة القبس يوم الاثنين 20 سبتمبر الحالي: "لهذا فان كان هناك أحد من المفروض أن يتخلى عن كتبه ومصادره فهم السلف والتلف الذين سيطروا في الآونة الاخيرة، خلقتهم عصور الانحطاط الاسلامي ودفعت بهم الى الصفوف الامامية أموال (البترودولار) ويبقى الشيعة وبقية المذاهب الاسلامية أعرق وأقدم من كل المذاهب السلفية التي تهيمن علينا اليوم".

الاثنين، 5 يوليو 2010

(الحمير) أفضل منكم!


في آخر لافتة لأحمد مطر يقول فيها بالمختصر المفيد.. يا اصحاب فتاوي التفجير والقتل.. (الحمير) أفضل من خريجيكم !
لافتة احمد مطر تستحق القراءة وهي نقلاً عن جريدة الجريدة الكويتية عدد الاحد 4/7/2010
استمتعوا مع المبدع الكبير احمد مطر..


صاحب الفضيلة!
شعر: أحمد مطر

جَرَّبتُهُ في الحَقْل..

لَمْ يَطمعْ بقضْمِ قِشْرَةٍ

مِـن سُنبلَهْ.

جَرَّبتُهُ في السُّوقِ..

لَم يَسْطُ على أَيِّ طَعامٍ حَمَلَهْ.

جَرَّبتُهُ في القافِلَهْ..

كانَ أميناً صابراً

لا يَستَغلُّ فرصةً لِيِختَفي

ولا يُطيحُ الرَّحْلَ مَهما أثْقَلَهْ.

وَيَحفَظُ الدَّربَ الّذي يَسلُكُهُ

فَيستَقيمُ فَوقَهُ، ولا يَحيدُ أنمُلَهْ.

لكنّهُ يَركُلُ أحياناً..

فلا بُدَّ لَهُ

مِن وَضْعِ حَدٍّ فاصِلٍ

بَينَ السَّماحِ.. والبَلَهْ.

ويَطلُبُ البرسيمَ..

لا بُدَّ لَهُ

لِقاءَ جُهْدِ شُغْلِهِ

مِن أن يُوَفّى مأكَلَهْ.

ويُطلِقُ النَّهْقَةَ

لا بُدَّ لَه

مِن شَهْقَةٍ كامِلَةٍ وَزَفرةٍ مُجلجِلَهْ.

لكنّهُ واللهِ

ما أشهَرَ يَوماً بَلْطَةً

وَلَمْ يُسَدِّدْ طَلْقَةً

وَلَمْ يُفَجِّرْ قُنبُلَهْ

على جُموعِ السّابِلَهْ.

فَضيلةَ المُفتينَ

هذا مَثَلٌ

على سُلوكِ الكائناتِ الفاضِلَهْ.

أطرَحُهُ بينَ تِلالِ عِلمِكُمْ

كالنّافِلَهْ.

لَعَلّكُم تَنتفعونَ مَرّةً بالأمثِلَهْ!

الثلاثاء، 29 يونيو 2010

الوهابية ومعركة الجهراء

شن كتاب اليمين الكويتي هجوماً شرساً على النائب فيصل دويسان بمجرد قوله ان الكويتيين حاربوا الفكر الوهابي في معركة الجهراء، وراحوا يقدمون له دروساً في التاريخ باسلوب رخيص تعودوا عليه كلما أرادوا الهروب للأمام!
ومع ان قراءة بسيطة لوقائع معركة الجهراء التي جرت بين الكويت والإخوان في عام 1920 تكشف وضوح الحقيقة التي صرح بها النائب الدويسان، إلا إن جماعة كتاب اليمين اتفقوا بالإجماع على شن الهجوم الشرس وباستهزاء ليصوروا للقارئ بأن ما يقولوه من المسلمات التي لا تقبل الشك.
الأخوان حركة وهابية بامتياز، وهي بدأت من تأسيس دور الهجرة في مناطق متعددة من اطراف نجد، بدأً من الارطاوية في عام 1911.. وكانت تهدف الى تجميع البدو وتنظيمهم في تشكيلات مسلحة مع تقديم الدروس الوعظية من مشايخ الوهابية، ليشكلوا بذلك القوى المسلحة التي تضرب في الأطراف حماية للدولة السعودية وتوسعةً إذا احتاج الأمر.
ولعل الخلاف الأساس بين الكويتيين والإخوان كان بإنشاء دار للهجرة في منطقة العليا والتي كانت تعتبر من الأراضي الكويتية قبل اتفاقية العقير عام 1922، وهو الخلاف الذي جرّ إلى معركة حمض، التي تعتبر التمهيد لمعركة الجهراء.
ومن يقرأ الشروط التي أراد فرضها فيصل الدويش زعيم الإخوان على حاكم الكويت الشيخ سالم المبارك للقبول بالهدنة، يعرف جيداً انها منطلقات وهابية لم تكن سائدة بين أبناء الكويت حاكم ومحكومين.
فقد تضمنت الشروط: العودة للإسلام وترك المنكرات والدخان وتكفير الاتراك وترحيل الشيعة من الكويت! وهي شروط ذكرها المؤرخ حسين خلف الشيخ خزعل في كتابه تاريخ الكويت السياسي، وكذلك الدكتورة ميمونة الصباح في كتابها العلاقات الكويتية النجدية.
وقد كان رد الشيخ سالم واضحا وصريحا: (اما الإسلام فنحن مسلمون، وما كفرنا منذ أسلمنا، وان الإسلام مبني على خمسة أركان أصولية، ونحن نحافظ عليها جميعاً، وإن كنا مخطئين فإننا نعدكم بالعودة إلى طريق الإسلام الصحيح. أما إزالة المنكرات فسنزيل منها ما يسعنا إزالته. واما تكفير الأتراك فلم يثبت لدينا ما يوجب تكفيرهم، وإن كانوا لنا أعداء، فإذا ثبت كفرهم كفرناهم. وأما المطاليب الباقية فلا سبيل إلى تحقيقها) تاريخ الكويت السياسي الجزء الرابع.
وأما ما ذكره البعض هروبا من الحقيقة الواضحة من أن (المعركة حكت ظنونا خاطئة من أهل نجد التي انتهت بيقينهم إسلام وسلامة عقيدة أهل الكويت) فهو تبسيط مخل لدوافع معركة الجهراء، فالواقعة التي يعتمد عليها لسرد هذا الاستنتاج لم يروها إلا البريطانيون وهي وإن صحت تحكي عن عامة جيش الإخوان من البدو الذين خدعوا بفرية كفر أهل الكويت.. أما قادة الجيش فكانوا يريدون الاستيلاء على الكويت وتحقيق أهدافهم التي صرحوا بها في مفاوضات الهدنة.
ولم يكن انسحابهم من المعركة إلا بخديعة وقعوا فيها من حاكم الكويت الذي أوهمهم بقبول شروطهم، ثم تدخل البريطانيين وإرسال التعزيزات وتهديدهم بالهجمات الجوية إذا لم ينسحبوا نهائيا.
وللقارئ المنصف ايضا ان يقرأ رد الشيخ احمد الجابر على السيد محمد مهدي القزويني احد رموز الشيعة حينذاك الذي أبدى استعداد الشيعة الكويتيين للخروج للمعركة والقتال دفاعاً عن الوطن، فقال له: (يا سيد انك تعلم بان الإخوان يكفروننا ونحن على مذهب أهل السنة، فإذا ماعلموا بخروجكم الى قتالهم، وانتم على مذهب الشيعة فسيزيد هذا حماستهم وتتعقد علينا وعليكم الأمور وتشتد الأزمة) تاريخ الكويت السياسي الجزء الرابع.
والملاحظ ايضاً أن المفاوض الرئيسي للاخوان كان مفتيهم الشيخ عثمان بن سليمان
وهو كان معروفا بأنه من مشايخ الوهابية الكبار، فقد ذكره علامة الجزيرة العربية حمد الجاسر في جمهرة الأسر المتحضرة في نجد عن هذيل وأسرها بان الشيخ عثمان بن سليمان منهم وهو (الواعظ المعروف وله مواقف مع الأخوان وحضر وقعة الجهراء).
بعد ذلك، هل هناك شك بأن حركة الاخوان هي حركة وهابية بامتياز، وأن هدفهم كان السيطرة على الكويت وتنظيفها من (الشركيات) و (البدع)، وأن الكويتيين كانوا يواجهون هذا الفكر بالذات في هذه المعركة المفصلية من تاريخ الكويت.

الأحد، 27 يونيو 2010

ابني على اعتاب الصف التاسع!


تمنيات الدكتور السيد يوسف زلزلة بأن يترك النواب الأمور التربوية للمختصين هي اقل ما يقال عنها ضحك على الذقون، فهو يقول في تصريح له لجريدة الدار: أن المختصين اعرف بما ينفع ويجمع أبناء هذا البلد، وأضاف: إذا كان هناك رأي لأحد فليبينه للمتخصصين ولا يستعرض إعلاميا!
وبما أني من عامة الشعب ولست من (المصطفين) أعضاء مجلسنا الموقر، فان تصريح السيد لا يعنيني، لذا من حقي ان احشر انفي مع المختصين وخاصة وان ابني نجح هذا العام من الصف الثامن وسيدخل الصف التاسع بعد العطلة الصيفية.
المختصون في وزارة التربية لازالوا مصرّين على أن مناهج التربية الدينية وخاصة للصف التاسع والعاشر لا تحتوي على مواد تكفيرية، وأن كل ما يقال عن ذلك أمور مبالغ فيها، وان عباقرة المناهج الدينية بقيادة الدكتور بسام الشطي هم من يصيغون عبارات المناهج بما يتوافق مع مذهب أهل السنة والجماعة!
اذن يا سيدنا العزيز وحسب تمنياتك.. على النواب أن يتركوا الأمور على ما هي عليه.. فجهابذة وزارة التربية يتصرفون!
ولكن، ماذا سأقول لابني اذا جاء في السنة القادمة وهو مكفهر الوجه يسألني: كيف أرد على أستاذ التربية الدينية وهو يقول اننا الذين نزور القبور ونتوسل بالأئمة وبالأموات خارجون عن ملّة الإسلام وجميع أعمالنا محبطة ومباح دمنا ومالنا ومخلدون في النار؟!
هل اقول له: يا ولدي انت صغير على هذه الامور.. اترك امر تكفيرك وعائلتك وطوايفك الى المختصين في وزارة التربية.. أما سمعت السيد ينصحنا بذلك؟
واذا جاءني يسألني ما الجواب النموذجي للسؤال التالي: بم تنصح صديقك الذي يذهب الى القبور لدعاء أصحابها لرفع الضر وجلب المنافع ؟!
هل اقول له ان جهابذة المناهج في وزارة التربية قرروا الجواب النموذجي هو التالي: انصحه بأن لا يذهب الى القبور من اجل طلب المغفرة وقضاء الحوائج من أصحابها، لان هذا من الشرك والكفر!
ولكن هذا الكلام ينافي عقيدتنا.. أليس كذلك يا دكتور يوسف؟!
طيب لو نصحت ولدي وقلت له اجب على السؤال كما يلي: كل من يشهد بلا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله فهو مسلم لا يجوز تكفيره سواء زار القبور او لم يزرها!
طبعاً النتيجة التي سيحصل عليها ولدي هي صفر مع مرتبة الشرف، وفي هذه الحالة لمن اذهب للمختصين في وزارة التربية ام لك ياسيد يوسف ام للسيدة رولا التي يبدو انها لم تقرأ الصحف والأسئلة والجواب النموذجي فبادرت لرفع العتب بسؤال وزيرة التربية عن السؤال التكفيري! أم اذهب للسيدة معصومة المبارك التي دعت لعدم التشنج والصلاة على النبي ام اراجع السيد عدنان عبد الصمد الذي اجاب السيدة معصومة واكتفى بالصلاة على محمد وآله!
مع ذلك انا واثق ان منهج الصف التاسع للعام القادم سيتم تغييره، وهذا ليس بفعل المختصين في وزارة التربية، ولا بطمس الرأس في الرمال كما تفعل النعامة.. بل بسبب المطالبة المستمرة والضغط والتصعيد.. فالتكفيريون لا يفهمون إلاّ لغة التصعيد..