الثلاثاء، 31 مارس 2009

كلا إن الإنسان ليطغى..

من ابلغ السور القرآنية التي تكشف خبايا انحراف الانسان، وتحوله من رجل المباديء والقيم الى طاغية مستأثر.. هي سورة العلق، التي نزلت آياتها الأولى مفتتحة الوحي على الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله.
من هنا يمكن ان نستوعب حديث الامام الصادق عليه السلام حيث يقول: "من قرأ في يومه أو ليلته (إقرأ باسم ربك) ثم مات في يومه او ليلته مات شهيداً وبعثه الله شهيداً، وكان كمن ضرب بسيفه في سبيل الله عز وجل مع رسول الله صلى الله عليه وآله".. فمقاومة الانسان لنفسه بصورة مستمرة حتى لا تنجر وراء الطغيان هي اعلى مراتب الجهاد وهي الشهادة الحقة..
هكذا تأتي الآية الكريمة في سورة العلق لتضع اليد على حقيقة هذا الانحراف الذي نشاهده حولنا من هنا وهناك.. "كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى".. فالاحساس بعدم الحاجة للآخرين هو الطغيان وهو الانحراف الأكبر في مسيرة الانسان في حياته..
وقيل في تفسير هذه الآية .. رأى نفسه استغنى أي صار ذا مال وثروة.. وقيل أنه رأى نفسه استغنى بالعشيرة والانصار والأعوان..
ولعل البلاغة القرآنية تتجلى هنا في كلمة "رآه" فهي من افعال القلوب وليس الجوارح.. بمعنى النظر بالقلب.. فالانسان يوهم نفسه انه قد أستغنى سواء بالمال او الجاه او العشيرة.. وهذا هو الانسان حينما يفقد الاحساس بالحاجة!
الطغيان ليس في فرعون ونمرود وأبا جهل وهتلر وصدام فقط.. انه موجود فينا وحوالينا.. انه كالخلايا النائمة تستيقظ عندما يترك الانسان العنان لاوهام الاستغناء.. ولو اردنا ان نعد المستأثرين والطغاة حولنا وفق هذه المقياس القرآني اعتقد اننا سنجد منهم الكثير الكثير..
أعاذنا الله وإياكم..

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليك أخي الكريم،

    وقد يطغى الإنسان لبلوغه - كما يظن - مراتب علمية عالية..

    اللهم أعنّا على أنفسنا.. أملكنا إياها، ثم وفقنا لبيعها لك مقابل الجنة.

    دمت في حفظ الله..

    ردحذف