الأحد، 24 مايو 2009

هزيمة القوى السياسية الكويتية!

لماذا هذه النتائج الهزيلة للقوى السياسية الكويتية في الانتخابات النيابية الأخيرة؟
ولماذا اصبح عنوان "المستقل" أفضل للمرشح لحصد المقعد النيابي عن النزول ممثلاً لتجمع او حزب سياسي؟
الحركة الدستورية (حدس) تراجعت الى مقعد واحد، والمنبر لم يحصل على شيء سوى نائب قريب منه وهو صالح الملا، فيما سقط (الرمز) عبد الله النيباري. أما التحالف الوطني فاز منه من ترشح مستقلاً وهما النائبان علي الراشد وعبد الرحمن العنجري.
أما التجمع السلفي فتراجع كثيرا بحصوله على مقعدين فقط بعد أن كان ممثلا بأربعة في المجلس السابق، فيما مني التحالف الاسلامي الوطني بنكسة كبيرة بسقوط النائب السابق أحمد لاري، وحلول المعتق السيد عدنان عبد الصمد في ذيل الفائزين في الدائرة الاولى، فيما لم يحصل مرشحه في الدائرة الثانية محمد الصفار على أرقام تبنى عليها للمستقبل!
أما تجمع العدالة والسلام فقد احتفظ بمقعده (صالح عاشور) الذي جمد عليه منذ عام 1999، وخسر أمينه العام حسن نصير المنافسة بفارق كبير جداً، فيما ضاعت فرصة متاحة جداً للمرشح المقرب للتجمع (أمينة العام المساعد السابق) عبد الواحد الخلفان في الدائرة الثانية. أما المنسحبين من التجمع وهما المرشحان وليد الصفار وعادل الخضاري فقط كانت نتائجهم ضعيفة جداً، فهي حوالي 450 و950 صوت فقط!
وعاد تجمع الميثاق ليحصد مقعداً على حساب التحالف الإسلامي الوطني من خلال قائمة الائتلاف التي فشلت في تحقيق نتائج وعدت بها الناخبين في الدائرة، وخاصة مع الفوارق الكبيرة بين كل من سيد يوسف زلزلة وسيد عدنان عبد الصمد وحمد بوحمد، وكذا السقوط المفاجئ لأحمد لاري!
هكذا فالتمثيل النيابي للقوى السياسية لا يزيد عن ستة أو تسعة في أحسن الحالات وهو ما يعني 12 أو 18 بالمائة فقط من أعضاء البرلمان الكويتي، المكون من 50 عضواً!
وهذه النتائج لا يمكن اعتبارها حالة صحية، فالقوى السياسية هي دينمو العملية الديمقراطية في أي بلد، واستمرار انتكاستها وضعفها ستأتي بآثارها السلبية على الممارسة الديمقراطية.
البعض من تلك القوى فسر هذا التراجع السلبي في النتائج بسبب الاحتقان السياسي الذي أفرزه البرلمان السابق، فذهبت التيارات السياسية ضحية المؤزمين، مع أن القوى السياسية المتضررة كانت جميعها ممثلة في الحكومة، وكانت مصنفة من (الموالاة) في المجلس الماضي، ما عدا (حدس) التي انتقلت من الموالاة إلى المعارضة خلال فترة قصيرة من عمر المجلس السابق!
واعتبر البعض الآخر أن الشارع الكويتي لازال يتوجس خيفة من الأحزاب السياسية وبالتالي فهو يفضل المرشح المستقل على المرشح الحزبي، وهي مقولة تتردد دائماً على ألسنة السياسيين في الكويت، وهي في اعتقادي ليست سبباً مهماً، فالناخب الكويتي يصوت للمرشح وأداءه وعلاقاته وشخصيته دون النظر لحزبه وتياره أو استقلاله، ولا نغفل دور الإعلام والمال واستغلال العواطف والدين في حالات أخرى!
السر في تراجع القوى السياسية يكمن فيها نفسها، فإلقاء الكرة خارج ملعب هذه القوى هو تنصل من المسئولية، وهروب إلى الأمام تحاول هذه القوى التغطية على واقعها السيئ الذي أوصلها لهذه النتائج المتردية.
والسر كما أراه باختصار هو:
هيمنة اصطحاب النفوذ والعائلات والحرس القديم على مقاليد التجمعات السياسية، وقتل فرص الصف الثاني والثالث، مما جعل هذه القوى تعيش حالة الشيخوخة المبكرة، وفقدت روح الشباب والتغيير، وخاضت انتخابات "عسرة" بتقنيات وتكتيكات قديمة، وفي غياب للخبرات والطاقات الحقيقية في هذه التجمعات.

هناك تعليقان (2):

  1. ٍسيدنا ..
    الواضح للجميع بأن التجمعات السياسية في الكويت أو التيارات أو الأحزاب خذ ما تشاء من ألقاب أطلقت عليها، هي لا تحقق شيء يذكر في مجال العمل السياسي كتجمعات وإنما كأفراد وهذا ما أعطى صبغة المُستقل في أرض الحزب! ، والأمر الذي تطرقت له أنت مهم جداً فالأساليب القديمة إنتهت فعلياً .. لو لاحظنا التقنيات الجديدة التي أستخدمت في الإنتخابات الأخيرة سنعرف الفارق بين المستقلين الذين حاولوا كسب الصوت الشاب وبين التيارات الحزبية التي حاولت كسب كبار السن فقط :).

    ولو نلاحظ التيارات فهي كما قلت - مدرسة قديمة - لم تخرّج الجديد منذ سنين طويلة جداً وهذا أمر غير صحي أبداً.

    ردحذف
  2. شكرا اخي حسين على مرورك
    نعم هناك جمود في الحركات او التجمعات السياسية يجعل من الحرس القديم يهيمن على مقاليد الامور داخل هذه الحركات.. واعتقد ان احد الاسباب هو الهالة التي نضفيها على (الرموز) حيث نجعل منهم في حالات كثيرة مقدسين لا يمكن مسهم او التعرض لهم.. ويصبح موقعهم (محجوز) لهم الى أبد الآبدين..
    وللأسف ان الشباب هم اول من يبتلي بهذه الحالة من التقديس للرموز.. هو في الواقع تقديس مزيف.. لا قيمة له.. فهذا الرمز او غيره هو نتاج مدرسة او جهد جماعي .. وهناك في صفه او في الصفوف التي بعده لا يفرقون عنه سوى انهم لم يتسلموا سلطة او موقع يسلط عليهم الضوء والاعلام..
    والبعض منهم يبتلى بما يقول الباري عز وجل.. "إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى"
    وقد اثبتت الانتخابات الاخيرة وغيرها ان الطغيان بالاستغناء نتيجته السقوط وخسارة الموقع او التسبب في تآكل مكاسب التجمع او الحزب او الحركة..

    ردحذف